CET 09:34:22 - 24/03/2010

مقالات مختارة

بقلم: مشعل السديري

أتيته زائرا ولم أشاهده قط وهو في مثل هذه الحالة من الإحباط.
أعلم أن زوجته قد (طمحت) عنه - أي أنها تركته وذهبت إلى بيت أهلها تطلب الطلاق -، وكان لها ما أرادت، إلى جانب أنه غير مقتنع بتربية وسلوك أبنائه الذين نشأوا عليه.

فتكاتفت عليه المشاكل من كل جهة واستوطنته الهموم.
وهو يعيش شبه وحيد إلاّ من مستخدم يقوم على شؤون بيته. والواقع أنني لم أقطعه لأن له في نفسي منزلة خاصة، فلا يمر أسبوع إلاّ وألتقي به، (وإذا غلبت الروم) ولم أستطع، اتصلت به تليفونيا.

أما بالأمس عندما زرته فقد وجدته كالأسد أو بمعنى أصح كالدب الجريح، وقد اختفت الابتسامة من وجهه تماما إلى درجة أنه لم يجاملني أو يرحب بي، فتيقنت أن (الضغط) مرتفع لديه جدا، وأن تلبكا معويا لا بد وأن يكون أصابه.

جلست صامتا احتراما لحالته المزرية، وفجأة التفت لي قائلا: إنني قررت أن أقدم على اتخاذ قرار خطير. عندما سمعته يقول ذلك، فلا أكذب عليكم أنني ارتعبت، لأن أول ما خطر على بالي هو (الانتحار)، فرددت عليه سريعا وأنا أقول: هون عليك، أنت إنسان مؤمن فلا ترمي بنفسك للتهلكة، فتبدلت ملامح وجهه وسألني بحزم: عن أي شيء أنت تتحدث يا مهبول؟!، إنني أنوي الزواج.

(ففشيت) وخجلت من توقعي وقلت له: على بركة الله وأحسن ما قررت وسويت.

قال: ولكنْ لديّ شروط ومواصفات خاصة في المرأة التي سوف أتزوجها، وأخشى أن تكون تلك المواصفات صعبة المنال.
قلت له: أكيد تريدها أن تكون ملكة جمال ممشوقة القد.
قال: لا أبدا فالجمال عندي يأتي في المرتبة الرابعة.

قلت له: إذا كان الجمال لديك يأتي في المرتبة الرابعة، إذن ما هي شروطك الأخرى التعجيزية؟!

قال: أولا أريد أن تكون لياقتها البدنية جيدة جدا، وثانيا أن تكون حبلى أو حاملا في شهرها السابع أو الثامن، وثالثا أن تكون أرملة لكي لا يكون للجنين الذي في بطنها أب يطالب به، ورابعا أن تكون مقبولة من ناحية الجمال.

الحقيقة أنني صدمت بما سمعت، غير أنني سرعان ما تجاوزت صدمتي عندما قلت بيني وبين نفسي: لا شك أنه يمزح، لهذا حولت دفة الحديث إلى شيء من الهزل.
فأحسست أنه تضايق من أخذي لقراره بهذه الخفة، لهذا قال لي بحدة: لو سمحت إنني لا أمزح في مثل هذه الأمور المصيرية.

عندها رجع عقلي قليلا وسألته: (اشمعنى) تريد من عروستك أن تكون حبلى، يعني (حبكت)؟!

قال: لأنني أريدها كاملة وجاهزة من مجاميعه، ولا أريد أن أتعب نفسي بشيء، ثم إنني إذا تزوجتها فما هو إلاّ شهر أو شهرين حتى (تمسط) لي بعيّل - أي تلد لي طفلا أربيه على مزاجي وبطريقتي الخاصة.
قلت له باشمئزاز: ما هذا المزاج العكر؟!، ووالله إنك بهذه الطريقة في الزواج لم يسبقك أحد من العالمين.

رد عليّ وقد ارتاح قليلا وقال: وعلى إيه دوشة الدماغ وأبهدل حالي مع واحدة جاهلة ليس لها أي خبرة في معترك الحياة.
عندما وصل الحوار بيننا إلى هذا الحد، طفح بي الكيل ولم أملك إلا أن أخرسه قائلا له: ألم تقرأ الآية الكريمة التي جاء فيها: «وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا». وران بيننا صمت قصير قطعته قائلا له: اتق الله يا رجل ألا تريد أن يجعل الله لك من أمرك يسرا؟!

قال: ونعم بالله، إذن سوف أنتظر على أحر من الجمر حتى تضع مولودها، يا حلاوة.
قلت له: تقصد حلاوة المخاض والولادة.

نقلا عن الشرق الأوسط

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع