بقلم: مدحت قلادة
تحتفل مصر يوم الواحد والعشرون من مارس كل عام بعيد الأم تقديراً لدورها... فالأم رمز الحب والعطاء والتفاني والإخلاص، قيل عن الأم "أنها هي نصف المجتمع، وهي التي تربي وتلد النصف الآخر" والأم رمز الحب وقسَّم علماء النفس الحب إلى ثلاث درجات:
النوع الأول: حب الأيروس وهو الحب الشهواني مرتبط بلذة وقتية سرعان ما تنتهي.
النوع الثاني: الحب الفيلو وهو الحب الاجتماعي مثل حب العائلة، الأخ، الأخت، والأب لأبنائه...
النوع الثالث: حب الأغابي وهو حب سام غير مرتبط بعطاء، حب باذل لا يتوقف بمدى الأخذ بل يعطي بلا انتظار، حب دائم كبير غير متقلب يمثله حب الله للبشرية الذي يشرق بشمسه على الأبرار والأشرار، ويقترب حب الأم من هذا الحب الذي يعطي الأبناء بدون انتظار مقابل فقلب الأم قلب نابض بالحب والخير لأبنائها.
بعد تلك المقدمة أقص لكم قصة أم بسيطة محبة رزقها الله بزوج طيب يسعى لخدمة الآخرين بما أعطاه الله من وزنات فنشر الحب والخير في ربوع قريته البسيطة، اشترى أرض وأنشأ حضانة لخدمة أبناء الحي البسطاء وعاش يؤدي خدمته على حسب طاقته.
ذات يوم وجد أمامه عربات مصفحة بلدوزرات هدفها الهدم وسعيها الخراب مع مئات من رجال الشرطة وجوههم عابسة وعيونهم تنطق (الدم الدم الدم.. الهدم الهدم الهدم) كانت تلك الهجمة مدججة بمئات من العسكر، وبدون سابق إنذار هاجمت البلدوزرات منزل الرجل الطيب وبعد ضرب ولطم طرحته أرضاً سحبته خارجاً ليخرج خارج ضيعته، تطلعت زوجته وجدت زوجها مطموس في دمائه هذا يلطمه وآخر يضربه... فصرخت لهم لماذا كل هذا؟!!
فجأة وجدت أمامها عشرات من الرجال المدججين بالسلاح خرجت يد أحدهم كان هو في الهيئة كإنسان ولكن الواقع لا يحمل صفات البشر مد يده على صدر السيدة البسيطة وشدها بعنف كاد يتمزق صدرها بين يديه.. وأخذ يكيل لها سباب وشتائم، ولم يكتف بذلك بل أخذ يضربها على وجهها وعلى رأسها وطرحها أرضا وسحبها من شعرها للخارج بلا رحمة ولا شفقة، وطردها خارج منزلها مع قاموس قذر من السباب لها ولعقيدتها ولجميع من على شاكلتها، وسط مشاركة البعض من رجال الأمن بضربها وسبها...
لم يرتجف قلبه من صراخ ابن تلك الأرملة ذو العشرة شهور صراخاً وعويلاً، وحينما سمع صرخ وبكاء أمه لم ترتخ ولم تلن عواطفه الإنسانية من صراخ الطفل الرضيع إن كان يملكها!! بل أخذ بكل ما أوتي من قوة يضرب ويلطم تلك الأم البسيطة.
نسيت الأم الآمها من جراء الضرب والسحل وهدفها الوحيد ابنها الرضيع حاولت تهدئته أولاً... فإذ بصوت أحد الوحوش الآدمية يصيح (إن لم تخرجِ سوف أطرح ابنك تحت عجلات البلدوزر.. فارتجف قلب الأم الرقيق وخرجت بابنها ليس خوف على حياتها بل على ابنها الرضيع الصارخ الباكي...
أرادت الشكوى فإذ جميع رجال الأمن ينكرون أن هناك من تهجَّم عليها وحاول ضربها.. أخذت الأم ابنها وخرجت غير مصدقة ما يحدث لها ولزوجها الرجل البسيط... ورأسها ممتلئ بعلامات استفهام عديدة كيف يحدث هذا؟! الأرض ملك لنا بقرار 1028 عام 2009 كيف ألا يوجد قانون؟!! ألا يوجد رقابة؟!!.
أخيراً تعتقد أنك أمام مشهد أم فلسطينية يضربها جندي تابع للاحتلال الإسرائيلي تجرد من مشاعر الإنسانية مصرحاً بأنه سيأخذ ابنها ليطرحه تحت عجلات البلدوزر... أو تهجم على أم فلسطينية يمسكها من صدرها ويكاد ينال منها..غير مبالى بشرف وعرض..
لا.. إنه على العكس مصري مائة بالمائة.. رجل أمني مصري من رجال الأقصر برتبة ظابط شرطة والسيدة هي صباح نادي حنا زوجة القس محروس عزيز راعي الكنيسة الإنجيلية والبيت المتهدم ليس كما نشرت بعض الصحف أنه غرفة بل منزل للكاهن وزوجتة وبيت مغتربات به خمسون سرير ومطابخ ودورات مياة واسترحة للضيوف ومدرسة بها 12 فصل ومبنى حضانة كان بها 20 طفل مصري تبلغ مساحتها 1750 متر مع مبنى كنيسة يقدر بـ 400 متر.. فرجال الأمن المصري مع رجال أمن الدولة قذفوا أثاث الأسرة خارجاً مع هدم بالبلدوزرات وتحطيم كل شيء بحجة التطوير!!
هل التطوير يعني انعدام المشاعر الإنسانية؟..
هل التطوير يعني سرقة واغتصاب حقوق الآخرين؟..
هل التطوير يعني الاعتداء على السيدات؟..
هل التطوير يعني هدم كنيسة الأقباط الإنجيليين بلا تعويض ولا اتفاق مسبق؟..
هل التطوير يعني غياب القانون؟..
هل التطوير يعني هدم مباني الكنيسة مع بناء مساجد جديدة في المنطقة؟..
لمزيد من الصدق والشفافية سبق وهدم محافظ أسوان جامع السيدة زينب وجامع المقشش وبنى محلهما جوامع حديثة... فلماذا لا يعاملون الكنيسة الإنجيلية بالمثل؟! مثلما فعلوا مع المساجد..
أخيراً المتعدي على زوجة الكاهن الإنجيلي القس محروس عزيز رجل أمن مصري برتبة ضابط شرطة (تعدى عليها بسحبها من صدرها وطرحا أرضاً) وآخر أخذ يضرب ويكيل لها اللكمات والضربات..
ترى ما رائي الإعلام المصري في جهازنا الأمني المدجن بأيديولوجية متطرفة ضد مسيحي مصر؟! وما حكم الشرفاء إن كان الفاعل مصري من رجال الأمن وأتباعهم؟!.
ماذا سيكون رد فعل مجلسي الشعب والشورى، والصحافة، ووزارة الخارجية... إذا كان الفاعل جندي إسرائيلي بسيدة فلسطينية؟.
هل يجوز أن تصدر هذه الأفعال من رجل مصري (رجل أمن) ضد سيدة مصرية ابنة لهذا الوطن؟!
سلطة بلا رقابة تتحول لعصابة. |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|