CET 00:00:00 - 15/01/2010

مساحة رأي

بقلم: حنا حنا المحامى
سيدى الرئيس
تحية طيبه وبعد,
هل علمت بما حدث فى نجع حمادى بعد صلاة عيد الميلاد المجيد؟  لقد هجم  بعض المسلحين على الاقباط بعد صلاة عيد الميلاد المجيد وأمطروهم بوابل من الطلقات الناريه وأردوا سبعة قتلى وما ينوف على العشرين من الجرحى.
طبعا يا سيدى إنها مشاجره وحاله فرديه ولن يعوض أهل الضحايا من أطفال أو أرامل كما سوف يتم القبض على غير المعتدين حتى يبرأوا إلى أخر تلك التمثيليات التى باتت ممله.
سيدى:  لا شك أنك على علم أكيد بأن كل هذه المآسى قد انتشرت واستشرت فى عهدكم الميمون.  هل تعلم يا سيدى أن كل مسيحى فى مصر أصبح مهددا فى رزقه وفى حياته وفى أعراضه فى هدا العهد الذى لم تعانى مصر مثيلا له من قبل؟
سيدى:  لقد انتشر الفساد واستشرت الجريمه وعم الجهل فى كل ربوع مصر فى عهدكم الذى لم تصادف مصر مثيلا له.منذ أكثر من ثلاثمائة عام وكأن الفساد هو من نصيب مصر ومن حقها فكانت تنتظر قدومك حتى يتحقق وينمو ويترعرع.
إن الانسان فى عهدكم لم يعد له أى قيمه.  إن أى عسكرى بوليس يمكنه أن ينكل بأى مواطن كما شاء وكيفما شاء وهذا العسكرى سوف يكون فى حماية تامه من السلطه حتى لو كان مصير الضحيه القبر. 
 
لا شك أنك تعلم يا سيدى أن أى إنسان لا يمكن أن يحقق أى مصلحه حكوميه إلا بسداد المعلوم.  وبذلك أصبح العبء على المواطن مزدوجا, عبء الوقت الضائع المستهلك من مكتب إلى مكتب والتسويف والتأجيل ومزاج الموظفين, وعبء المطلوب من إكراميات حتى تنتهى المصلحه طولا أو عرضا, وهذا العبء يتضاعف إذا كان المواطن بدون عمل.  هذا الفساد أصبح سمة العصر ... عصركم الميمون.
إن الجرائم ضد الاقباط أصبحت مباحه وكأنه لا صلة لكم بهذه الشريحه من الشعب.  بل لا أغالى إذا قلت لكم إنكم تباركون هذا العدوان إن لم يكن صراحة فإنه يكون ضمنا.  سكوتكم المطبق على تلك الجرائم شجع المعتدين على استعراض عضلاتهم ونفث مكنون شرهم ضد الاقباط.  إنهم فى أمانكم وأمان أمنكم الكامل.  لقد أصبح عصركم عصر الجريمه ضد الاقباط ... ولا فخر يا سيدى.

هل تذكر يا سيدى مذبحة الكشح؟  هل تذكر أن 21 قتيلا لم يدن لقتلهم مجرم واحد؟  هذا مثال بسيط من انتشار الجريمه فى عهدكم الميمون.  هل تذكر ياسيدى عضو مجلس الشعب الذى جمع آلافا من الرعاع للهجوم على المسيحيين لانهم كانوا يرتكبون جريمة الصلاه؟  لا شك أن هذا العضو لا يزال يتمتع بكامل المزايا التى تمنح لمواطن شريف وعضو مجلس شعب يرعى مصالح كل من يمثلهم.
سيدى .. هل تتذكر المجرم الذى نشر الجريمه فى كنائس الاسكندريه؟  إنه أطلق سراحه لأنه مختل عقليا وفى الواقع لا يزال حرا طليقا.  هل تذكر يا سيدى  الاحداث الداميه فى ديروط, لقد تم حل المشكله حلا جذريا وببراعه.  تم تهجير الاقباط من بلدهم بلا أموال أو عتاد أو ممتمكات.  هكذا يتم نصرة المعتدى فى عهدكم الميمون وهكذا يشتت المعتدى عليهم حفاظا عل حياتهم لأن الامن فى عهدكم الموقر عاجز عن توفير الأمن للآمنين. 
سيدى ... أحداث فرشوط المؤلمه, تم اختراع عدوان بطريقه جهنميه. حشدت آلاف من الرعاع المعتدين ضد أصحاب المحلات والصيدليات المسيحيين لتدمير جزء ليس بالهين من اقتصاد مصر ودخلها القومى, وجميع المعتدين احتفظوا وتمتعوا بأمن الامن الكامل وأمانه.  كما أن القضاء أكمل الرساله المقدسه وأطلقهم أبرياء وكم كان القضاء كريما لأنه لم يحكم بحبس المعتدى عليهم.
سيدى مأساة  القضاء أصبحت تدعو إلى الأسى.  نحن أبناء السنهورى, وشفيق شحاته, وحشمت أبو ستيت, وتوفيق فرج, والشيخ أبو زهره, وسليمان مرقس ... وغيرهم وغيرهم من العمالقه, أقول نحن نعلم مدى الهوه ومدى المأساه التى أصابت القضاء الذى يطبق انصر أخاك ظالما أو مظلوما وينسى .... بأن ترده عن ظلمه.  القضاء الذى لا يعى قول عمر بن الخطاب "كيف تستعبدون الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا".  كل هذا الانهيار يا سيدى تحقق فى عصرك الميمون.

القضاء يا سيدى أصبح متعصبا تعصبا ينآى به عن العداله التى تعلمنا فى الصغر أنها عمياء لا تفرق بين محمد وجرجس أو بين فاطمه ومارى.  قد كان الجميع أمام القانون سواء علما بأنه كان دين الدوله الاسلام.  ولكن ياسيدى كان الاسلام يكرم من خلال العداله أما الاسلام الآن يساء اليه من خلال الخلل فى العداله.  لأول مره فى تاريخ مصر الحديث يحبس كهنه.  إنه التعصب المقيت إنه نشر روح الكراهيه والبغضاء إنه الحقد وليس التدين ذلك أن الاديان محبه – حسب علمى, والله أعلم.
القتل فى جريمة الشرف استقر العرف والقضاء المصرى على أن العقوبه مخففه.  ولكن قضاءكم العادل له معياران :  إذا كان القاتل مسلما برئت ساحته أو حكم عليه مع إيقاف التنفيذ.  وإذا كان الجانى مسيحيا, حكم عليه بالاعدام.  ازدواج فى المعايير حتى فى القضاء الذى كان شامخا.  العداله لم تعد عمياء بل أصبحت فى عهدكم كلها عيون.
حتى الحريات التى أطلقت شعارها وهى حقيقه لا ننكرها ولكنها حريه من نوع عجيب.  حرية "اللى عاوز يقول يقول واللى عاوز يكتب يكتب".  ويقابلها شعار آخر غير معلن ولكنه يطبق ويقول "واحنا نعمل اللى نعمله".  وهذا وذاك بلا ضوابط وبلا معايير وبلا نتيجه أو هدف إلا أنه نوع من امتصاص الغضب لدى الشعب.
البرامج التعليميه يا سيدى تشكل جرائم إنسانيه.  كيف يتعلم طفل برئ أصول البغضاء والكراهيه وأساليب الحقد.  إن الحقد يا سيدى يدمر صاحبه.  ولذلك يتخرج جيل فاشل يسعى إلى الخراب والدمار والقتل والنهب جيل حاقد على كل ما حوله ولذا يتعلم أن ينفث أحقاده فى الشريحه المسالمه المسيحيه التى ليس من مبادئها الشر أو السعى وراء الشر أو الدماء كما يتعلم الدهماء.  هذا جزء من كل تم فى عصركم الميمون.

رغم أنكم أطلقتم الحريات العجيبه, إلا أن حرية الاديان ليست مكفوله رغم أنه منصوص عليها فى الدستور.  إن أسلمة مسيحى لن يزيد المسلمين, كما أن تنصير مسلم لن يزيد المسيحيين.  ولكنها الحريه يا سيدى.. حرية الايمان .. حرية العقيده المنصوص عليها فى الدستور .. حرية الصله بين الانسان وخالقه. الانسان يريد أن يعبد خالقه بالصوره التى يحبها وليس بالصوره المفروضه عليه بالقهر والجبر.  ولكن السائد فى عصركم ليس دينا على الاطلاق بل هو إرهاب فكرى لا أكثر ولا أقل... إرهاب يتنكر لقول رسول الاسلام القائل "لكم دينكم ولى دين".  فى عصركم انتشر الارهاب الفكرى والدين الارهابى الذى ليس بالاسلام أو بالمسيحيه أو ينتمى ألى أى دين سماوى عرفته البشريه.  قهر وقتل ودمار وخراب وعدوان واضطهاد لا أكثر ولا أقل.
فى الاردن حاول المتطرفون الاعتداء على المسيحيين.  كانت النتيجه أن حكم على المعتدين بالاعدام, وبذلك وئدت الفتنه فى مهدها.  أما فى عصركم فقد وجدت الفتنه أن مصر أرض خصبه للفتن لا رابط لها ولا ضابط.
لقد حزنت يا سيدى على طفل قتل فى فلسطين ,ارسلت التعازى لأهل الفقيد,  ولكن مايسون الطفله لم تحرك لك ساكنا وكذا عشرون قتيلا غيرها وغيرهم وغيرهم.  كانت هذه الطفله من عمر حفيدك الذى بسبب موته واسيناك وأرسلنا إليك التعازى من كل صوب وفج.  نسينا أمام الموت المآسى التى يعيشها إخوتنا وأولادنا فى مصر.  ولكن كان موقفك الوفاء ولكنه وفاء معكوس تماما.
سيدى الرئيس, إن ما حدث فى نجع حمادى كان نتيجة طبيعيه لما ترسخ فى الاذهان من أن دم الاقباط مباح.  هذا هو ما يوحى به التقاعس المستمر والهجوم المستمر على المسيحيين والمسيحيه.  سيدى أذكرك أن الاقباط شريحة هامه فى الوطن وإن لم تكن على علم بذلك فليس ثمة داع من بذل الجهد والوقت.

سيدى الرئيس,  لمادا تكره شعبك؟  نعم... لماذا تكره شعبك؟
إن رب الاسره يرعى أن يسود السلام والمحبه بين أفراد عائلته حتى يستقيم حال العائله وتزدهر,  ولكنك يا سيدى تنمى روح العداء بين أفراد الشعب حتى تنتشر الفتن والخلافات.  لعلك تتصور أن هذا يلهى الشعب عما يسود فى مصر من فساد.  لا يا سيدى إن كان هذا فكرك فأنت تعيش فى برج عاجى لا تدرك حقيقة هذا الشعب.  إن الخلافات التى تحدث ليست إلا تنفيسا عن روح السخط التى أصبحت سائده بين الحادى والبادى.  أصبح الكل حزينا عما أصاب مصر من وهن وتدهور وانهيار.  أنتشرت البطاله ومن ثم الجريمه, انتشر الفساد ومن ثم السخط, انتشر التعصب ومن ثم عدم الاستقرار أو الامان, وأخيرا وليس آخرا سوف ينقلب السحر على الساحر.

سيدى لعلك تعلم أن فى شوارع مصر يوجد أكثر من ثلاثة ملايين لقيط.  إنهم قنبله موقوته ياسيدى.  هل فكرت فى هذا الخطر الداهم؟  هل فكرت فى أنهم أبرياء مجنى عليهم من أمهاتهم؟  ماذا فعلت لهم؟  إنهم بشر ومصريون أولا وأخيرا.
بعد ذلك لدى سؤال هام جدا:  سيدى ..... هل تريد أن تستمر فى حكم مصر؟؟

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٨ صوت عدد التعليقات: ١٣ تعليق