CET 00:00:00 - 15/02/2010

حوارات وتحقيقات

* الدكتور حسن ابراهيم: العنف الطائفي تغذيه بعض الجهات الخارجية.
* الدكتور جمال عبد المطلب: الصعيد يقوم على فكرة العصبية والقبلية.
* الدكتور السيد ابراهيم: المجتمع الصعيدي مجتمع مغلق بعض الشيء.
* حسن أبو الخير: العنف بالصعيد يرجع إلى البطالة.
* سيد الحميلي: الصعيد هو منجب العظماء والأدباء.
* أنور سالم: المجتمع الصعيدى مجتمع جاف.
تحقيق: جرجس وهيب – خاص الأقباط متحدون

ظل الصعيد لفترة طويلة منفي للمغضوب عليهم والمنبوذين والمهملين ومأوى للهاربين من القانون، فضلاً عن أهمال الدولة له مما جعله مصدر للعنف والتطرف والتعصب، فحوداث العنف الأخيرة سواء الطائفية أو حوداث الثأر تركزت في الصعيد.
فما هي أسباب توطن العنف في الصعيد؟ ولماذا يخرج العنف دائمًا من الصعيد؟
طرح الأقباط متحدون هذا التساؤل على عدد من علماء الاجتماع والشخصيات العامة والمواطنين..لماذا يخرج العنف دائمًا من الصعيد؟

فيقول الأستاذ الدكتور جمال عبد المطلب "أستاذ علم الاجتماع المساعد بكلية الآداب جامعة بني سويف" أنه من المتعارف عليه أن الصعيد يقوم على فكرة العصبية والقبلية نتيجة لتركزالعائلات وعدم اختلاط الأنساب والزواج الداخلى (الزواج داخل العائلة الواحدة أو القبيلة والعصبية والوحدة)، مما يؤدي إلى وجود قبائل ذات ثقافة خاصة بالإضافة إلى سيادة العادات والتقاليد القائمة على فكرة بناء القوة، فلا وجود لحلقة وسطى أو حلقه أضعف، ويظهر ذلك في المحافظات ذات الطبيعة العربية كالعرب والفلاحين في مركز اهناسيا بمحافظة بني سويف أو القبائل البدويه كما هو في شرق النيل (بياض وسنور) أو الطوائف الدينية كما يحدث بجنوب مصر في المنيا واسيوط وسوهاج وقنا، ويرجع زيادة العنف في صعيد مصر إلى نمط النسبية القائم على فكرة ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة وفكرة الأخذ بالثأر وأفكار اخرى تغذيها عملية النسبية الاجتماعية تجعل من الأطفال مسئولين في سن مبكرة وتحمل مسئولية ونفقات بعض الأسر، كل ذلك يمثل ضغوطًا على الأسر والأفراد مما يؤدي إلى انتشار الفوضى والعنف والخروج عن النظام وازدياد أساليب العنف.

احد ضحايا مذبحة نجع حمادي بصعيد مصروبالنسبة لبعض حوادث العنف الطائفي في محافظات الصعيد نستطيع أن نؤكد أن المجتمع المصري لا يعاني من عنف طائفي بين قطبي الأمة (الأقباط والمسلمين)، وما يحدث من حوداث عنف طائفية نستطيع أن نؤكد بأنها الاستثناء لا القاعدة، وما حدث مؤخرًا في جنوب مصر -أشارة لحادث نجع حمادي- هو حادث مؤسف إلا أنه يمثل أيضًا حالة خاصة -أي استثناء-، ولعل الوصايا العشر التي أكد عليها سيدنا المسيح التي ذُكرت في انجيل متى (لا تقتل لا تزن لا تسرق لا تنظر لزوجة أخيك….) خير دليل على الترابط بين الأديان أن هناك بعض آيات القرآن الكريم تنص على نفس المعنى حرفيًا، حيث حرّمت تلك الآيات قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق وحرّمت السرقة والزنا وشهادة الزور وجميعها من الوصايا العشر التي نادى بها سيدنا المسيح عليه السلام.
كما أن القارئ والمحلل والناقد لقضية نجع حمادي يستطيع أن يرى بعين بصيرة بأن الجناة من المجرمين ومعتادي الإجرام ولا صلة لهم من قريب ولا من بعيد بأية مناسك دينية، مما يؤكد بأن ذلك هو فعل إجرامي مسيئ في حق إخواننا الأقباط، بل لم تفرق يد الغدر بين مسلم ومسيحي فاستشهد في هذا الحادث 6 من الأقباط بالإضافة إلى جندي الحراسة المسلم والذى استشهد بنفس الحادث، إلا أننا نؤكد من جديد لقيادات الدولة والحكومة بوجه خاص بأنه لا بد من وقفة تنموية وثقافية لصعيد مصر، حيث تزداد مشروعات التنمية في محافظات القاهرة والاسكندرية وشرم الشيخ بصفة خاصة والوجه البحرى بصفة عامة وأهمل صعيد مصر من حقة الطبيعي في تنمية اجتماعية واقتصادية كانت من الممكن أن تعفينا من حادثة كهذه.

ويضيف الدكتور السيد ابراهيم "عميد كلية آداب بني سويف" أن العنف منتشر بالوجه القبلي لأن أبناء الوجه القبلي ليسو كأبناء الوجه البحري في الانفتاح على التيارات المختلفة والمتجددة من الوافدين من جهات العالم المختلفة، والتي لهم أساليبهم الحضارية المختلفة، ويحتاج المتعامل معهم من أبناء الوجه البحري أن يتقألم مع هذه الظروف الجديدة، عكس المجتمع الصعيدي مجتمع مغلق بعض الشيء، كما أن الصعيد تركزت فيها هجرات القبائل من الشرق وهي قبائل لها باع طويل في الصراع والحروب والعادات الثقافية المختلفة، كما أن ارتفاع درجة الحرارة بالصعيد له تاثيرها أيضًا.

احد ضحايا مذبحة الكشح بصعيد مصر ولكن ليس كل العنف رذيلة وليس كل الحلم فضيلة، ولنتذكر قول الشاعر عندما قال:
ولا خير في جاهل إذا لم يكن حليمًا
متى أورده الأمر أصدر
ولا خير في حليم إذا لم يكن له
بوادر تحمى صفوه من أن يكدر
وهي ابيات معدوده من ابيات الحكمة التي أعجب بها الحكماء، ومعنى الأبيات أن العنف المقصود به الجهل والتعصب، والمبادرة إلى الانتقام هو الذي لا يتحكم فيه الإنسان في نفسه حتى تقع الكارثة، ويكون العنف محمودًا إذا عرف الإنسان متى يتوقف ومتى ينتهي، أي يتحكم الإنسان في نفسه، ويكون الحلم مكروهًا إذا ارتبط بالضعف وصاحب الإنسان في جميع حالاته ولا يستطيع الإنسان أن يدافع عن نفسه.

ويرى الأستاذ الدكتور حسن ابراهيم "أستاذ علم الاجتماع بكلية آداب بني سويف" أن العنف في الفترة الأخيرة أصبح ظاهرة عالمية، وأصبحت الصراعات الدولية تُحسم بالقوة، فإسرائيل تحسم صراعها مع الفلسطنيين بالعنف وأمريكا تستخدم العنف ضد العراقيين وفي افغانستان، وانتقل هذا العنف من المستوى العالمي إلى المستوى المحلي وخصوصًا في ظل السموات المفتوحة وأصبح العالم قرية صغيرة، ومعظم سكان الصعيد من القبائل المهاجرة من الجزيرة العربية وأثناء هجرتها حملت معها جذورها الثقافية القائمة على العصبية والعنف وصراعها مع بعضها مثل قبائل الأشراف والهوارة.
كما يرجع تركز العنف في مصر بمحافظات الصعيد إلى عامل البيئة، فمعظم محافظات الصعيد الجواني محصورة بين الجبل ونهر النيل مما أدى إلى صعوبة الحصول على لقمة العيش، فالبيئة ساعدت على وجود العنف وانتشار جرائم الأخذ بالثأر.
والعنف الموجود في مصر وخاصة العنف الطائفي تغذيه بعض الجهات الخارجية، فمصر من البلاد المستهدفه والتى لا يريد لها البعض الاستقرار والتنمية وان تظل من البلدان المستهلكة، فحوداث العنف موجهه إلى أمكان الاستثمار الرئيسية مثل الاقصر وسيناء والصعيد وهي مناطق ثمثل مصدر رئيسي للدخل في مصر.
فالتنشئة الاجتماعية والمؤثرات الخارجية والإحباط التي يعاني منه الشباب وندرة فرص العمل، تجعل من الصعيد أرض خصبة للعنف وخاصة بين الشباب صغير السن، وعمومًا المجتمع المصرى مجتمع مسالم، فخلال مباريات مصر في بطولة الأمم الإفريقية انصهر الجميع الغنى والفقير والمسلم والمسيحي ونسى الجميع أي خلافات أو اختلافات.

ويقول إيهاب يوسف نسيم "رجل أعمال" أن العنف ليس متركز في الصعيد فقط وإنما موجود أيضًا في الوجه البحري، فمنذ أيام كان هناك حادث اغتصاب بشع بكفر الشيخ ومقتل رجل أمن سابق بوادي النطرون فالعنف موجود بحري وقبلي، والحكومة بدأت تنظر للصعيد بجدية وخير دليل على ذلك قرار رئيس الجمهورية بمنح أراضي المشروعات بالمجان بمحافظات الصعيد لتشجيع الاستثمار لخلق فرص عمل جديدة للشباب، فالمتجول بمحافظات الصعيد يرى التطور الكبير الذي شهدته محافظات الصعيد بعد أن كانت منفى للمغضوب عليهم، فتم إنشاء شبكة طرق متميزة والعديد من الكباري بل توجه للحكومة اتهامات أنها اهتمت بالصعيد على حساب سيناء.ضحايا العنف الطائفي بصعيد مصر هل من نهاية ورادع؟
ويؤكد بطرس جرجس "مدرس تاريخ" أن انتشار جرائم العنف بالصعيد يرجع إلى إهمال الدولة للصعيد سنوات طويلة جدًا ولم تتذكر الدولة الصعيد وتنميته إلا بعد أعمال العنف التي شهدها الصعيد خلال فترة التسعينات من القرن الماضي، بالإضافة إلى التركيبة السكانية لمحافظات الصعيد الجوانى (جنوب الصعيد) مكونة من القبائل والعصبيات والتي هاجرت من شبه الجزيرة العربية وما زالت تتمسك بعاداتها القديمة والتي تقوم على نصرة القريب في كل الحالات ونصرة صاحب الدين على اتباع الدين الآخر، والصعيد يعاني من مشاكل اجتماعية واقتصادية كبيرة وقلة فرص العمل، ولا يجد سكان الصعيد من (يفشوا غلبهم فيه إلا المسيحيين) لذلك تظهر حوادث عنف ضد المسيحييين من غير أسباب، فلماذا تم الاعتداء على أقباط نجع حمادي؟ فهل بين الشهداء الستة والقتلة أي مشاكل؟ الناس في الصعيد ماشيين بالمثل اللي بيقول (مقدرش على الحمار (الحكومة) اتشطر على البردعة (المسيحيين)).

ويشير حسن أبو الخير "محاسب بجامعة بني سويف" إلى أن العنف بالصعيد يرجع إلى البطالة وعدم وجود مشروعات بالوجه القبلي مما أدى إلى انتشار البطالة حتى بين الشباب الجامعي، فالشباب في الصعيد محبط والشخص المحبط عجينة سهلة الاستحدام لأي أفكار متطرفة، فليس لديه ما يخاف عليه، فبعد تفوفة خلال الدراسة وحصوله على مؤهل يجد نفسه مضطر أن يعمل عامل وراء بنّا أو كنّاس أو بائع متجول فيصاب بالإحباط ويتحول إلى قنبلة موقوتة، عكس الوجه البحري فمعظم طلاب المدارس يعملون خلال الإجازة الصيفية، كما أن الصعايدة بصفة عامة يميلون إلى العنف ويؤمنون بأن ما يؤخذ بالقوة لا يرجع إلا بالقوة كما أنه مجتمع مغلق إلى حد ما.
ويرجع الدكتور عبد الجواد أبو هشيمة "رئيس المجلس الشعبي لمحافظة بني سويف" العنف إلى الطبيعة القبلية للصعيد وسيطرة العصبية على المعاملات بمحافظات الصعيد وخاصة جنوب الصعيد، ولكن هذه العادات آخذة في الزوال والانقراض بفعل انتشار التعليم والانفتاح على وسائل الإعلام واهتمام الدولة بالصعيد.
ويرى سيد الحميلي "نائب رئيس مجلس أمناء المحافظة" أن سبب انتشار العنف في الصعيد يرجع للطبيعة القبلية للصعيد، فهناك عدد كبير من قبائل الصعيد تمتد جذورها إلى قبائل بالسعودية وليبيا، ويظهر ذلك بجلاء في الانتخابات ويكون التعصب للقبيلة أكثر من التعصب للمرشح نفسه ودعمه بمنتهى القوة، حتى لو كان شخص سيئ السلوك، وهذا لا يمنع أن الصعيد هو منجب العظماء والأدباء، فمن الصعيد خرج العقاد والمنفلوطي وطه حسين ورفاعه الطهطاوي ومن الشعراء المعاصرين عبد الرحمن الأبنودي وأيضًا البابا شنودة وهو شاعر وعالم دين مرموق وشخصية دينية غير عادية.

ويرجع محامي (فضّل عدم ذكر اسمه) العنف وخاصة الموجه ضد الأقباط بالإضافة إلى الطبيعة القبلية للصعيد إلى أسباب أخرى أهمها بطئ إجراءات التقاضي ووجود العديد من الثغرات بالقانون يتلاعب بها عدد من المحامين المعروفين، فربنا يستر في قضية نجع حمادي من تلاعب المحامين وثغرات القانون، كما أن القانون لا يُطبق بصرامة، ففي العديد من جرائم العنف الطائفي يتم فيها إلقاء القبض على عدد من المسيحيين دون أن يكونوا طرف في الموضوع من الأصل للمساوامة عليهم، بالإضافة لجلسات العار (الصلح العرفية) التي يُلغى فيها القانون، فلا بد من تشديد العقوبات في جرائم العنف وسرعة إنهاء إجراءات التقاضي وتطبيق القانون بصرامة للقضاء على العنف.
ويؤكد الدكتور عبد الرحيم محيسن "مدير عام الطب البيطري ببني سويف" أن العنف الموجود بالصعيد يرجع إلى انتشار الجهل والفقر وأي أعمال عنف بالصعيد هى مخالفة صريحة للدين والأخلاق، ولكن بدأت هذه الحوداث تقل بشكل كبير لارتفاع نسبة المتعلمين بالصعيد وافتتاح عدد من الجامعات بالصعيد مثل جامعة المنيا وجامعة أسيوط وجنواب الوادي، وزيارات المسئولين على رأسهم الرئيس مبارك الذي زار الصعيد منذ أيام قليلة وافتتح عدد من المشروعات بالإضافة إلى وسائل الإعلام التى تحارب هذه العادات القبلية السيئة.

ويقول أنور سالم "مدير مركز إعلام ناصر" أن حوداث العنف في محافظات الصعيد ترجع إلى عدة أسباب، منها المورث الثقافي الذي ينتقل عن طريق الأمهات، فأغلب حوداث الثأر بالصعيد تكون بدافع من الأم التي تشجع أبنائها على الأخذ بالثأر، بالإضافة أن المجتمع الصعيدي مجتمع جاف وأُهمل كثيرًا من جانب الدولة وأدركت الدولة ذلك الآن فبدأت الاهتمام به وزدات من مشروعات التنمية، كما أن أصل الإنسان المصري القديم البدائي ظهر في الصعيد ثم انتقل إلى الوجه البحري وما زالت بعض عاداته السيئة موجودة بالصعيد، والمجتمع الصعيدي قائم على القبلية والقانون غير مفعل بشكل حاسم وغير رداع، بالإضافة إلى انتشار تجارة السلاح بشكل كبير داخل محافظات الصعيد، كما أن الدولة نفسها شجعت بعض البلطجية على فرض نفوذههم على الصعيد وخير مثال على ذلك هو "عزت حنفي" والذى كشف عقب القبض عليه عن علاقات تجارية كبيرة بينه وبين عدد كبير من قيادات وزارة الداخلية السابقين، كما تنتشر البطالة بشكل مفزع بالصعيد فحوالي 90% من العاملين بالمدن الجديدة مثل 6 أكتوبر والعاشر من رمضان والغردقة وشرم الشيخ رمضان من شباب الصعيد، وهذا دليل قاطعى على تفشي البطالة بالصعيد، فالبطالة هي رأس المشاكل والمصدر الأساسي للعنف بكل أشكاله.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٥ تعليق