CET 00:00:00 - 13/02/2010

مساحة رأي

بقلم:  نبيل المقدس
إلي الأخ الأستاذ صبــــري الباجـــــــــا 
لمحتُ سطراً من تعليقك في موضوع ( لو كنت مسلما ) للأستاذ منير بشاي يوم 10 - 2 - 2010 في موقعنا الأقباط المتحدون . وكان السطر يحوي : [الخلاص يكمن في دولة مدنية حديثة قائمة علي المواطنة وعدم التمييز بين مواطن وآخر بسبب اللون أو الجنس أو الدين ، وتفعيل القانون وتطبيقه بحيدة ونزاهة علي الجميع ] ...  اولا ..أستأذن سيادتكم وأعترض علي حرف العطف ( الواو ) التي أتت مباشرة بعد كلمة مواطنة مرتين , المرة الأولي في (و عدم التمييز ) والمرة الثانية في (و تفعيل القانون) لأن كل من عدم التمييز وتفعيل القانون تحتويهما المواطنة . لكن ليس هذا بموضوعنا .... ثانيا أشكرك علي كلامك الموزون والمعتدل والذي يمثل الإنسانية الحقيقية  والشخص السوي الذي يعرف أصول الحياة بعيداً عن المعتقدات , وكيفية التعامل مع الاخر , ولنا كثير من الدول لا تهتم بالمعتقد أو يؤمنون بأديان  لكنهم يتقنون فن الحياة المدنية الحديثة التي تقوم علي المواطنة الصحيحة. 

معني هذا أن المواطنة التي يتم عليها إقامة الدولة المدنية الحديثة يلزم أن تكون لديها مقوّمات وشروط  خاصة .... !!و هذا يجعلني أتذكر مثال قاله السيد المسيح في انجيل متي 7 : 24 - 27 يقول فيه :( الرجل الحكيم هو الذي يبني بيته علي الصخر , فعندما تنزل الأمطار وتهب العواصف وتنجرف السيول فلا يتأثر البيت ولا يسقط .... أما الجاهل أو الغبي هو الذي يبني بيته علي الرمل فعندما تضرب الأمطار والسيول والعواصف هذا البيت يسقط , ويكون سقوطه عظيما .) ... لذلك أسأل سيادتكم , هل المواطنة التي تتواجد في دستور يحتوي علي تخصيص ديانة الأغلبية هي المصدر الوحيد لشريعة الوطن والذي يضم طوائف مختلفة ومتعددة , تُعتبر مواطنة صخرية نستطيع ان نبني عليها الدولة المدنية ؟؟؟ هل المواطنة التي يكثر فيها التمييز بين المواطنين هي المواطنة المنشودة أم هي مواطنة رملية ؟؟؟ هل تستطيع دولة مثل مصر أن تحمي المواطنة من عواصف السلفيين وأمطار التعصب ورياح الكراهية والتي بدأت تنتشر بين شعب الوادي في الفترة الأخيرة ؟؟ ... وأحب أن انوه أن العلاقات التي بين مسلمي ومسيحيي مصر هي من اقوي العلاقات في العالم ... كما ان الكثير من الأخوة المسلمين والمعتدلين يحاولون بإستمرار التقرب مع إخوتهم المسيحيين ليس من منطلق مباديء كتابية , بل من منطلق روح الإنسانية. وأنا هنا لست بصدد تفنيد آيات ربما تحض علي الكراهية أو التقارب فأنا لا اتدخل في مجادلات دينية  ... بل أتكلم من النواحي الإنسانية ...  و أوجه كلامي  للمسئولين هل يستطيعون أن يقيموا الدولة المدنية القائمة علي المواطنة الصخرية والتي لها القدرة علي صد كل من يريد إسقاطها , وزرع بذور الفتنة بين الشعب الواحد؟؟؟ لا أظن تستطيع الحكومة تنفيذ هذه المواطنة بالكامل , وذلك لكي تتجنب المصادمات مع السلفيين . 

سيدي الفاضل ... أنت تقول دولة لا تمييز فيها ... هل يقبل المجتمع المصري أن يقرأ في صحيفة مصرية عن محررة مصرية مسلمة , تزوجت من صحفي مسيحي ’ وبعد خمس سنوات عِشرة معه إقتنعت بالمسيحية وإعتبرته تتويجا لها , كما فعلت الكاتبة العظيمة ومقدمة البرامج الواعية فريدة الشوباشي حيث كتبت في جريدة المصري اليوم بتاريخ 10 - 2 - 2010 عدد 2068 بأنها كانت مسيحية ثم انتقلت إلي الإسلام بعد زواجها من الصحفي الأستاذ علي الشوباشي وإعتبرت الديانة الإسلامية تتويجا لها.؟؟؟؟ تصريحات الأستاذة فريدة سوف يعتبرونها بطولة , لذلك سوف لا تخاف أن تصرح به ... فليس هناك ضرر عليها . لكن بالنسبة للسيدة المسلمة والتي تحولت إلي المسيحية سوف يعتبرها المجتمع خائنة ومرتدة , وربما يرجموها . 
هل هذا التمييز بينهما ينفع أن نُطلق عليهِ مواطنة صخرية ؟... وهناك نماذج كثيرة تجعل المواطنة والتي تقوم عليها الدولة المدنية الحديثة فاشلة ... فمثلا هل للكنيسة الحق في وضع ميكروفونات علي ابراجها وتوجهه أمام المنازل وتذيع القداس ليل  نهار ؟؟؟؟ طبعا لا يمكن ... لأن الأخوة المسلمين والحكومة ايضا طبقا لدستورها سوف تمنع فورا  وضع الميكروفونات علي قبة الكنائس وفي نفس الوقت تجيزه علي الجوامع ... والغريب في الأمر نجد ان الحكومة  تفتخر بأنها أول من وضعت  دستورا يحوي المواطنة  , لكنني آراها بأنها مواطنة رملية لا يمكن أن تقوم عليها دولة مدنية حديثة .
عظيم من سيادتكم ان تتكلم عن هذا الحلم الذي نتمناه نحن المسيحيين .... نحن نريد دولة مدنية قائمة علي المواطنة  الصخرية وليست المواطنة الرملية ... وكيف تكون صخرية ويُوجد في الدستور البند الثاني وأن دين الدولة هو الإسلام .... أليس هذا تمييز !؟ ... والغريب اننا جميعنا نِهاتي ونقول الدين لله و الوطن للجميع ... شعارات نحفظها , لكن بدون أعمال .... ولا يمكن تطبيقها في بلادنا العربية.

سيدي الفاضل الأستاذ صبري الباجا ... كونك أنك تُعرِفْ نفسك في آخر المقال أنك مسلم مصري ... هذا لوحده يدل علي أنه مازلنا نعاني من عدم إمتزاجنا بفكرة الدولة المدنية الحديثة القائمة علي المواطنة . وهذا يدل علي أن العلاقة الجميلة والتي كانت بين مسيحي ومسلمي مصر بدأ يحدث فيها شرخ , ولا يمكن إعادة كوب من الزجاج حدث فيه شرخ  إلي ما كان عليه ... لذلك قبل ما نفكر في هذه الدولة المدنية القائمة علي المواطنة الصخرية ... علينا أن نُصهر هذا الكوب المشروخ ونعيد تشكيله من جديد . و هذا هو الحل الوحيد ... سوف تقول لي إذاً فانت تريد أن تُصهر 80 مليون نسمة لكي تعيد تشكيلهم ليصبحوا مهيئين لحياة الدولة المدنية الحديثة القائمة علي المواطنة الصخرية والتي تقاوم العواصف والأمطار ولا تسقط ابدا .!... سوف ارد علي سيادتكم واقول هذا هو الحل الوحيد. سوف تقول لي : أليس إلغاء  المادة الثانية من الدستور كاف  ؟؟؟ سوف اقول لك إلغاء المادة الثانية من الدستور أصبح الآن غير مُجدي وغير كاف وسوف تسقط المواطنة سقوطا عظيما أيضاً, لأن روح التعصب والتحذب إلتصقتا فينا وفي قلوبنا  ... فليس هناك إلاّ علي المجتمع بكامله أن ينصهر في بوتقة حامية ويتذوق صعوبة الإنصهار لكي ينزاح من عليه القشرة السوداء والجلخ الذي تراكم بالسنين علي كل واحد , ويخرج من البوتقة بُدرة زجاج ابيض شفاف يمكن تشكيله إلي المواطن المصـــــــري الأصيل  كما كان في القديــــــــــم .  نحن نريد مواطنة تصل إلي مستوي مواطنة فريدة الشوباشي مع إحترامنا لها .... هل تستطيع سيادتكم  تحقيقهـــــــا؟.

هذا هو المقصود من المواطنـــــة الصخرية التي نستطيع أن نقيم عليها الدولة المدنية الحديثة .........!!!!!!!!
مع تحياتي لكم .
مع إعتذاري للأستاذة العظيمة فريدة الشوباشي لإستخدامي حقها في ممارستها للحرية , لتوضيح أن المواطنــــة الحقيقيـــــة لا تتجـــــزأ.  مع جزيل شكـــري. 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٢٥ تعليق