CET 00:00:00 - 22/04/2010

مساحة رأي

بقلم : مارغريت خشويان  
منذ نهايات القرن الاول الميلادي انتشرت المسيحية في الشرق عن ثلاثة طرق:
- طريق من أورشليم إلى لبنان يمر بمنطقة أنطاكيا إلى الرها.
- طريق من أورشليم قطعًا " الأردنّ إلى طيسفون " المدائن" عاصمة الدولة الفارسية ومنها إلى إيران والهند.
- طريق من أورشليم جنوبًا  إلى بلاد الحبشة وتفرعاً منه شرقاً إلى نجد والخليج العربي.
وما دخل القرن الثاني حتى تأسست الإبراشيات في منطقة بلاد العرب وأصبحت مراكز ثقافية وتبشيرية في ذات الوقت منها في الحيرة وتدمر والشام ويثرب وتكريت وحدياب وغيرها.

في أواسط القرن الثالث انتشرت المسيحية عن طريق المبشرين العراقيين في إيران، ولم يمض قرن حتى أصبحت إيران مركزا مهمًا للمسيحية، الكنيسة الرسولية التي بدأت ترسل إرساليات تبشيرية انطلاقـًا من إيران إلى الهند والصين وسميت آنذاك بالكنيسة المشرقية، وكانت متحدة بأنطاكيا إلى أوائل القرن الخامس حين ابتعدت بسبب الحروب المتواصلة بين الدول البيزنطية الرومانية وبين الدولة الفارسية فنشأت لدينا كنيسة جديدة سميت بكنيسة المشرق التي اعتمدت المذهب النسطوري، وانشأت رئاسة خاصة بكنيسة على أيام الجافاليق فافا بمجمع ساليق الأول عام ٤۵١-٤۵٣. ولقد عمت هذه الكنيسة اضطهادات كثيرة من قبل أكاسرة الفرس بتحريض من اليهود ومن أهمها الاضطهاد الأربعيني الذي استمر ٤۰ سنة " ٣٣۹  - ٣۷۹ "  والذي قاده سابور الكبير.
بعد انتعاش المسيحية  "الكنيسة المشرقية" على مدى ستة قرون بدأت تنكمش على بعضها بسبب الاضطهادات والفتح الاسلامي من وراء ثقل الجزية، تناقص أبناء الكنيسة وصولاً إلى القرن التاسع عشر لم يعد تعدادها بضعة آلاف لا يتعدون نصف مليون، موزعين على أربعة إبراشيات: إبراشية سلماس، أورميا، طهران والأهواز مع طائفة قليلة من الأرمن.

ولقد لعب المسيحيون في الدولة الإسلامية دوراً كبيراً في نشر المعرفة وما بينها في ميادين علمية وأدبية وفكرية. فكانوا السّباقين في التعاون مع إخوانهم المسلمين في الفتوحات الإسلامية وبالأخص معركة القادسية التي فتحت بلاد فارس واسقطت الدولة الفارسية، ومن ثم استمرار المسيحيين في بلاد فارس واصلوا مسيرتهم المعرفية، ففتحوا المدارس ولاسيما في تكريس الطب بما نسميه كلية " سرجيوس" من ال بختيشوع الذين قدموا خدماتهم لأبناء البلاد وأسرها، وكذلك في الفلك والترجمة. إضافة إلى النواحي الدينية فقد انتشرت الأديرة حيث أضحت محج لعدد وافر من المسلمين ولا ننسى حياة الرهبان والنسك وتأثيرها بالتصوّف الإسلامي ونشأته وإلى قيام العلاقات والجدالات بين الفقهاء واللاهوتيين للتعرف على دين الآخر.

أمّا اليوم فوفقـًا لإحصاءات تقرير الحرية الدينية الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية عام  ۲۰۰٤،     فإن عدد المسيحيين في إيران يبلغ نحو٣۰۰ الف نسمة أي أنهم يشكلون ما هو أقل من  ١   في المائة من تعداد السكان. وبالاضافة لكونهم اقلية ضئيلة، فالمسيحيون الإيرانيون غير موحدين في الانتماء لمذهب واحد، فمنهم من ينتمي إلى الكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية وهي أكبر الكنائس الإيرانية، كنيسة الشرق الآشورية، الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية بينما تُقدر أعداد الإنجيليين في البلاد بنحو ١۵  الف شخص. ومن بعض الكنائس في إيران: كنيسة سانت كاترينا في أصفهان، كنيسة سان جورج في طهران، كنيسة السيدة مريم في شيراز، كنيسة سان مسروب في رشت، كنيسة وارطان الأرمنية، الكنيسة السوداء في طهران، وكاتدرائيات ومنها كاتدرائية سان سركيس في طهران وغيرها.
هجرة المسيحيين في إيران كما الشرق ككل في تناقص مستمر، وإيران مثلها مثل الدول العربية يهاجر شبابها لأسباب اقتصادية وسياسية ودينية. إضافة إلى الصراعات والحروب التي شهدتها المنطقة على مدى نصف قرن تقريبًا.

وقبل أن نختم كلامنا لا بد من الإشارة إلى أن الجمهورية الإيرانية الإسلامية سمحت للطوائف المسيحية في إيران بالدخول إلى الجيش، ولهم قوانينهم الخاصة من جهة الإرث والأحوال الشخصية. وأتاحت لهم الفرصة للاحتفال بالمناسبات الرسمية المسيحية جهرا وهذه علامة على التطور الفكري والاجتماعي الذي طرأ على المجتمع الإيراني، خاصةً أن الدستور يشير إلى هذه الحقوق، كما أن لهم ممثلين في البرلمان.
ومما يلفت الانتباه خاصةً في تصريح الملحق الثقافي الإيراني في يريفان عاصمة جمهورية أرمينيا بأن الجمهورية الإسلامية الوحيدة في العالم التي تخصص ميزانية سنوية لترميم الكنائس هي في إيران، بحيث اعتمدت الحكومة في العام   ۲۰۰٦  مبلغ خمسة مليارات ريال لهذا الخصوص.
     
مديرة موقع طيباين الصادر عن الرابطة السريانية

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٤ صوت عدد التعليقات: ١٥ تعليق