الأقباط متحدون - ماذا لو لم يترشح السيسي للرئاسة ؟!!
أخر تحديث ٠٠:٤٣ | الثلاثاء ١٥ اكتوبر ٢٠١٣ | بابه ١٧٣٠ ش ٥ | العدد ٣٢٨٢ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

ماذا لو لم يترشح السيسي للرئاسة ؟!!

بقلم :جرجس بشرى 
ليس كل رئيس دولة يُعد زعيماً ، ولكن الزعيم يمكن أن يكون رئيس دولة!والزعامة لا تتأتى من فراغ ولكنها تتوافر في أشخاص منحهم الله كاريزما خاصة ، وقدرة فائقة على اتخاذ القرار في أصعب الظروف التي لا تتعلق بمصير مجموعة من الأشخاص بل  فيما يتعلق بمصير دولة ولم أكن مبالغاً إذا قلت بمصير دول !!!

 نعم .. الزعيم هو الشخص الذي يغير التاريخ ويقلب مجريات الواقع المأساوي الذي تمر به أمة او دولة لأجل مبادئ وحقوق تصب في النهاية بمصير شعوب تتوق للحرية والعدالة ، ولو نظرنا للفريق أول عبد الفتاح السيسي سنجد في الرجل مقومات تنطبق على الزعيم والرئيس أيضا ، بل نستطيع القول بلا مبالغة أن الرجل أعطى للزعامة بعداً جديدا ً لدرجة أنه استطاع أن يتخذ قرارات تاريخية ومصيرية تؤثر في مصير ومستقبل ليس مصر وحدها بل ومعظم دول الربيع العربي بل وتنسحب هذه القرارات الشجاعة في وقت عصيب على أكبر دولة في العالم قوة وتأثيراً وهي الولايات المتحدة الأمريكية نفسها ، فقرار انصياع السيسي لإرادة المصريين الذين خرجوا بالملايين للميادين والشوارع في 30 يونيو مطالبين بعزل الرئيس محمد مرسي والإطاحة بحكم جماعة الإخوان المسلمين المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية لتمكين مرسي من حكم مصر لم يكن قراراً سهلاً ، لأنه كان بمثابة قرار تحدي ليس للجماعة بتنظيمها الدولي في أكثر من 80 دولة فقط بل للإدارة الأمريكية نفسها وتحديدا إدارة الرئيس باراك حسين أوباما الذي انفق أموالا طائلة من جيوب دافعي الضرائب الأمريكان لتمكين الإخوان من حكم مصر واستخدام الجماعة لتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الكبير في دول الربيع العربي داعما إياها بالمال والسلاح والآلة الإعلامية لتفتيت المنطقة العربية على أساس طائفي وديني وعرقي لصالح أمن إسرائيل على المدى القريب والبعيد ، ولم يكن أمام الفريق السياسي إلا خيارين لا ثالث لهما وهما إما الإنصياع لإرادة الشعب المصري في ثورته العارمة وغير المسبوقة في التاريخ الإنساني كله وإما الرضوخ لابتزاز الإدارة الأمريكية والتنظيم الدولي للجماعة والمتحالفين معها ، ولكن حكمة وذكاء الرجل جعلته يتخذ قرارا حاسما للانصياع لمطالب الشعب المصري العظيم ، فإرادة الشعوب الحرة المطالبة بالحق والعدل والحرية هي التي تصنع الزعامة ، وهي التي تبدد الخوف ، فالشعوب وحدها هي التي تقرر مصيرها مهما كانت بشاعة وعجرفة قوى التغطرس والاستكبار الدولية والعالمية تترصد لها ، فالغلبة للشعوب والزعامة تتأتي من الشعب وحده ، وقد فعلها الرجل السيسي غير خائف واثقا في وحدة وتاريخ وحضارة المصريين مما جعل الإدارة الأمريكية نفسها تصاب بالارتباك ، وتصاب كل مخططاتها التي أنفقت عليها مليارات الدولارت في مصر وسوريا وفلسطين وغيرها بالارتباك لدرجة أن اوباما نفسه في احد خطاباته سار على نهج السيسي وقلده في فكرة التفويض الشعبي وقال سأطلب من الشعب الأمريكي تفويضا في قرار ضرب سوريا !!! فالسيسي رجل صنع تاريخ وقلب موازين القوى والمشهد السياسي في خريطة الشرق الأوسط وأمريكا في لحظة واحدة !!!

واحبط بقراره هذا هو القيادات العسكرية بانصياعه لإرادة المصريين أن يحبط مخطط الفوضى الخلاقة ومشروع الشرق الأوسط الكبير! والسؤال هنا : هل يحق للسيسي الترشح للرئاسة ؟ فهناك من يرون أن يظل الرجل رمزا وطنيا ويبقى في مهمته كوزير للدفاع ولا يتلوث بالسياسة لأنه من الممكن أن يفشل ، وهناك من يطالبون بترشحه للرئاسة.

 والحق أقول أن مصر في ظل حالة الاستهداف والترصد وحالة التأهب للانتقام من مصر وجيشها ليس من قبل الجماعة بل من قبل الدولة المتحالفة معها كتركيا وقطر وغيرها بجانب الإدارة الامريكية ، وفي ظل مشروع الشرق الاوسط الكبير الذي يستهدف الجيوش الوطنية العربية وخاصة الجيش الوطني المصري فليس هناك خياراً أمام أي مصري حر إلا بدعم ترشيح السيسي للرئاسة ودفعه بقوة لهذا الترشح بل وإجباره عليه ، وهذا لم يقلل من دوره في القوات المسلحة لأنه سيكون القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية ، ولانه سيفوت الفرصة على المرشحين الذين ستدفع بهما قوى مخابراتية أمريكية او إخوانية للترشح مثل عبد المنعم ابو الفتوح أو مرشح سلفي أو سامي عنان مهندس العلاقات الاخوانية الأمريكية ، فوجود السيسي في المنافسة سيجعل احتمالات فوز أي مرشح أمامهما ضئيل جدا بل لا يتعدى 5 % ، وهو الأمر الذي سيفوت الفرصة على تقليل النفوذ الأمريكي والاخواني والسلفي في التأثير على القرار والإرادة المصرية وتماسك جيشها الوطني ، وذلك لما يتمتع به الرجل من دعم شعبي ليس على المستوى المصري فحسب بل والمستوى العربي فزعامة الرجل تخطت الحدود المصرية وأصبح زعيما عربيا وربما زعيما دولياً سيكتب دوره مع قيادات قواتنا المسلحة التاريخ بحروف من نور ، فمن يمانع ترشح الرجل خوفا عليه  إنما يقدم فرصة من ذهب لأعداء مصر لإضعافها ، فالرجل الذي استطاع أن يتخذ أصعب قرار في تاريخ مصر في عصرها الحديث قادر أيضا على قيادتها بكل حكمة واقتدار بما يمتلكه من مقومات شخصية وإدارية وعسكرية.

 وأظن أن عدم ترشح السيسي للرئاسة انصياعا لإرادة الجماهير الغفيرة سيكون تحديا لإرادة المصريين الذين اولوه الثقة وفوضوه بالملايين في الميادين والشوارع ، بالرغم من تصريحاته المتكررة بأنه خاضع لامر الشعب ، ووقتها يكون خذل الشعب ، كما أن عدم الترشح ستفتح الباب على مصراعيه أمام مرشحين مدعومين من الإدارة الأمريكية ذاتها ومن جماعة الإخوان المحظورة ، ومن السلفيين بل وقد يصل الأمر ونرى جهاديين من السلفية التكفيرية يترشحون للرئاسة ، وهذا الامر سيعيد الثورة المصرية إلى نقطة الصفر ليبدء مشروع الشرق الاوسط الجديد ومخطط الفوضى الخلاقة والتفتيت ، وتبدأ مصر من جديد صراعا مع الفوضى وإسقاط المؤسسات وتفتيت الجيش الوطني.

 واتوقع ان السيسي لا يمكن ان يقبل على مصر هذا المصير، وهناك من يقول ان مصر ولادة وبها افضل من السيسي ولكن هذا القول مردود عليه نعم مصر العظيمة ولادة وبها عباقرة ولكن هذا الظرف التاريخي وفي ظل حالة الاستهداف المتنامي التي تعيشها مصر فان مصر بحاجة لهذا الرجل، ولو ظهر لنا رجلا عسكريا  اكثر شعبية ودوره واضح متعلق بالظرف الحالي فاهلا به ، ومع ذلك لا يمكن ان يحظى بالدعم الشعبي للسيسي ،فاحتمالات عدم فوز اي مرشح امام الرجل مؤكدة ومحتومة .


 
 

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter