الأفلام السينمائية هي منتج يعمل على تدوين الواقع الذي نعيشه، ربما تشاهد العمل السينمائي دون الالتفات إلى قسوته إلا بعد ربطه بالواقع.

"فبراير الأسود".. الفيلم الذي تحول في الشهر ذاته إلى واقع مؤلم، فهو مثال حي على كيفية تعامل الجهات المسؤولة في البلد مع الكواراث.

"الحكومة مش ممكن تسيبنا".. جملة قالها الفنان خالد صالح، مجسدا دور "حسن" الدكتور الجامعي والباحث العلمي، بطل فيلم "فبراير الأسود"، لابنته حينما حاصرته رمال الصحراء وضل الطريق، مع عائلته ومجموعة من الرجال المرموقين في الدولة، وتكاسلت الدولة في البحث عنهم، بينما سارعت في إنقاذ المسؤولين الكبار.

بادرة أمل ظهرت على وجه "حسن" بعد أن وجد الحكومة تسعى لإنقاذهم، وقالت قوات الأمن: "احنا جايين ننقذكم هننقذكم على مجموعات كل مجموعة 4 أشخاص"، لكن سرعان ماتحولت الفرحة إلى يأس بعد أن بادرت القوات بإنقاذ لواء بأمن الدولة ومعه زوجته وأولاده"، ثم عادت مرة أخرى لإنقاذ أحد المستشارين، وعندما سأله عن هويته أجاب "حسن" باستنكار: "احنا بتوع بحث علمي"، ليجيب "هنرجع لكم تاني".

القصة ذاتها تتكرر بعد رحلة تسلق جبلية فُقد فيها 8 مصريين بجبال سانت كاترين، وتم فقد الاتصال بهم، نتيجة لسوء الأحوال الجوية وهبوب عاصفة ثلجية بالمنطقة، وتوجهت طائرة الإنقاذ إلى سانت كاترين للبحث عن المصريين الثمانية، الذين تقطعت بهم السبل في وادي الجبال عقب عاصفة ثلجية، عثرت فيها القوات المسلحة على 4 جثث لأشخاص كانوا فى رحلة سفارى مع الأربعة الذين تم إنقاذهم.

تختلف الأحداث بين الفيلم والواقع والنتيجة واحدة، ليصبح مصير الشباب مثل "فبراير الأسود"، تأخر وتباطؤ في الإنقاذ يودي بحياة شباب يهوى المشروعات التنموية، كما أودت بحياة باحث علمي وعالم كيميائي.

صورتان لعواصف ثلجية أعلى جبال سانت كاترين تغطي أجساد شباب في مقتبل العمر على أرض الواقع، ورمال متحركة تبتلع أجساد مواطنين من مختلف الأعمار ضلوا الطريق في غياهب الصحراء في مشهد سينيمائي، لم يتعد ثلاث دقائق، ينتهي بنتيجة واحدة تقصير من جانب الحكومة في الحالتين.