حنا حنا المحامى
أكتب وأكرر وأكرر عشرات المرات أنه لا يسئ إلى الاسلام إلا المسلمون. لقد نشأت فى وسط إسلامى منذ نعومة أظافرى, وكنت قد بلغت السابعه وأنا أحفظ جزء عمّ وتبارك وقد سمع. وهكذا نشأت أحب اللغه العربيه ولا أبالغ إن قلت أتقنها. وأعتقد أن هذا كان للصالح إلى حد كبير. فقد شاهدت ولمست وأيقنت كيف أن المسلمين يسيئون إلى الاسلام بصوره لا يمكن لأى كائن حى أن يتصورها. والكارثه أن المسلمين لا يدرون هذه الحقيقه ويعتقدون أنهم على صواب.
كان المسلمون يتعايشون مع المسيحيين جنبا إلى جنب. كانوا متحابين متآخين وقد كانت جارتى على مدى مراحل حياتى كأخت لى ولم أكن لها إلا أخ. سواء كانت زوجه أو فتاه. فإذا كانت زوجه فقد كان زوجها بالنسبه لى شقيقا كما أنها كانت بالنسبه لى كأخت شقيقه. تربطنا علاقات الاخترام والإخاء والمحبه الصافيه النظيفه الطاهره.
كانت الروابط مع الاخوه المسلمين أو المسلمات نظيفه يسودها النقاء والصفاء وكان كل مسلم أو مسلمه تتفانى فى خدمة أى صديق أو صديقه. كما أن المسيحيين كانت تربطهم علاقات نظيفه بالمسلمين والمسلمات.
إنطلاقا من تلك النظافه وهذا النقاء كان المسيحيون والمسلمون يواجهون العدو المشترك ألا وهو الاستعمار. وظل الحال على ذلك ألى أن قامت الثوره الميمونه. ورغم أن الرئيس عبد الناصر كانت لديه ميول إخوانيه إلا أنه أدرك بسعة أفقه وإدراكه أن الوطن لن يرتقى ولن يتقدم إلا بالتعاون والاتحاد لا فرق بين مسلم ومسيحى. وعلى ذلك كانت حقبة عبد الناصر حقبة شهدت الكثير من التقدم والرقى والنجاح.
ولكن للأسف الشديد البادى أن مصر مصابه بمن يفت فى عضدها ويكيل لها الطعنات ويعمل على ضعفها ووهنها تارة بسبب التفرقه العنصريه وتارة تحت ستار الخلافه أو الخرافه. المهم أن الاستقرار والتقدم لا يمكن أن تتمتع به أرض الكنانه التى كتب عليها الله الشقاء والحرمان من التقدم والرقى والازدهار.
حين رفع المتطرفون راية التخلف فسروا الدين حسبما يشتهون. إنه التعصب, إنه الكراهيه, إنه البحث عن الثراء, إنه العزله, إنه الايذاء بشتى أنواعه. ولم يكن الدين إلا براء من كل هذه الاهازيج.
لقد خلقنا الله سواسية كأسنان المشط. وهذا مبدأ إسلامى كريم ومعروف ولكن للاسف الشديد لا يحيد عن هذا المبدأ إلا المسلمون, أو على وجه التحديد الاخوان المسلمون. فهم يفسرون الدين حسب هواهم وحسب ما يعتمل فى نفوسهم من رغبه فى الكراهيه والثراء والحقد على الغير. وقد بلغت كراهيتهم لكل شئ أنهم ادعوا كذبا أشياء غريبه عن الاديان الاخرى. مع ذلك تسمع من الساده المسلمين الشعارات "الاسلام دين محبه, الاسلام دين سلام, الاسلام دين الحق" ألى آخر هذه الصفات الحميده التى تطلق على الاسلام والتى أنا شخصيا أوافق عليها بكل وجدانى وكل إحساسى.
ولكن ... وآه من ولكن هذه.
لا يسئ إلى الاسلام إلا المسلمون فهم على النقيض المطلق من السلام والمحبه والحق. ما هو الحق فى أن تلقى بريئه فى غياهب السجن لجريمه لم تقترفها ولن تقترفها؟ ما هو السلام فى إثارة المسيحيين بسجن بريئه مسيحيه لا لشئ إلا لممارسة البطش والطغيان وإظهار القوه والعنفوان. مدرسه كان فى فصلها مفتش وكان يستمع إلى كل كلمه تقولها. وكان هذا المفتش مسلم.. وخرج المفتش من الفصل قبل عشر دقائق من انتهاء الحصه ثم توجهت إلى منزلها.
بعد يومين خرج بعض أولياء الامور يدعون كذبا بأن المدرسه أساءت إلى الاسلام. كانت أمى رحمها الله لديها مثال يقول "العقل زينه ويزين كل رزينه". ولكن أين هو العقل. إن المدرسه البالغه أربعه وعشرين عاما يدعى أنها أساءت إلى الاسلام والرسول. حسنا القول الفصل هو التحقيق. وإذا بالتحقيق ينصر المدرسه وتكون الاقوال متضاربه تظهر بطلان الاتهام.
ورغم أن الامر وصل إلى التحقيق, إلا أن التحقيق أسفر عن أقوال متضاربه تفصح عن كذب وغى الاتهام. ولكن كيف يمر الامر بهذه السهوله؟ إنه دين الحق. إنه الدين الحنيف ولا يوجد دخان بدون نار. ثم إن هذا المدرسه كافره إنها من عباد الصليب. على أى حال لا بد من معاملتها أسوأ معامله حتى يعرف الحادى والبادى أن الاسلام خط أحمر لا يجوز أن يمس من بعيد أو قريب. صحيح إن الاديان الاخرى وعلى رأسها المسيحيه موضع اتهام ليل نهار. ولكن المسيحيه ليست دين الحق رغم أنها دين التسامح, ورغم أن رسول الاسلام تزوج من مسيحيه, ورغم أن نبى الاسلام أوصاهم بالقبط خيرا. ورغم أن الاتهام غير ثابت على المدرسه.ولكن لابد من التكشير عن الانياب حتى يعرف الحادى والبادى أن وكيل النيابه رجل متدين غيور على الاسلام. إلا أن وكيل النيابه المبجل نسى أن الاسلام لا يرضى بالباطل و لا يرضى إلا بالحق.
يا ساده يا عالم إلى متى تسيئون إلى الاسلام؟ هل تذكرون موضوع الفيلم المسئ للرسول؟ لقد كسرتم وملأتم الدنيا ضجيجا وعجيجا وهذم وتكسير. ماذا كانت النتيجه؟ أن أمعنوا مرة أخرى فى موضوع الفيلم بصزرة التحدى فكان أن اختبأتم ولزمتم الصمت أمام ذلك التحدى. ماذا فعلتم؟
يا ساده إن الاسلام يحمى نفسه كما أن المسيحيه تحمى نفسها. إن أعداء الاسلام لم يصمدوا على مدى خمسة عشر قرنا ونيف. كما أن أعداء المسيحيه لم يصمدوا عشرين قرنا كامله. وإن كان الفارق أن المسيحيه لم تنتقم أو تتهم أو تستعمل السيف وقوه السلطه ضد الابرياء. وليس هذا اتهام باطل ولكن واقع ملموس نراه ونشاهده على أيدى السيد وكيل النيابه الذى يعتقد أنه يحمى الدين حين يأمر بحبس بريئه مدة خمسة عشر يوما إضافيه على ذمة التحقيق. ثم أى تحقيق هذا الذى لم يتم فى غضون خمسة أيام؟
يا وكيل النيابه الذى لا يعرف عمله نرجو أن تكتفى بما حققته من مظالم لان ليس لديك أى دليل على صحة الاتهام. ويتعين أن تدرك أن اتهام برئ واحد أسوأ من تبرئة مائة مدنب.
ولكم الله وثقوا أن دولة الظلم ساعه ودولة العدل حتى قيام الساعه فلا تنسبوا لانفسكم أنكم بناة الظلم. حتى لا تتهاوى دولتكم, والله المستعان.