CET 00:00:00 - 18/01/2010

فاقد الأهلية

بقلم: سحر غريب
عندما جاء ابني ليردد كالببغاء ما يقوله زميله في الفصل: ماما صاحبي مش بيحب المسيحيين؟ هما يعني أيه مسيحيين يا ماما؟
لقد حدثت لي صاعقة لسماعي مثل هذه الكلمات الغريبة، أخذت أبحث عن مدخل مناسب لسنه الصغير لكي أشرح له ما أعنيه، فلم أجد غير ميس نبيلة لكي أستشهد بها على أن الكلام الذي سمعه ابني من أصدقائه هو كلام ليس سليمًا وهو كلام مرفوض تمامًا يرفضه العقل والدين.

وميس نبيلة هي مشرفة المادة في اللغة الإنجليزية في مرحلة الروضة، وهي مسيحية الدين ورغم أن أبني أصبح في عامه الثاني الابتدائي إلا أنه ما زال يزور ميس نبيلة ويرتمي داخل أحضانها ويقبلها عرفانًا بمجهودها معه، فهذه الأستاذة المُحترمة لم تقدم لجميع الأطفال غير الحب والرعاية والإهتمام، ورغم كونها أصبحت مُشرفة للمادة إلا أنها لم تستخسر يومًا علمها ومجهودها في أطفالنا الصغار، فما زالت تدخل الفصل وتشرح, وما زال اليوم الذي تدخله في فصول أبنائنا هو يوم عيد لهم، وما زالت كلماتها المُشجعة هي تاج يتباهى به أطفالنا، ميس نبيلة التي كانت تهتم بتعليم أطفالنا مراسم الحج داخل مدرستنا احترامًا لشعائرنا ولرغبتنا بل أنها كانت تحج معهم حول النموذج المُصغر الموضوع للكعبة داخل فناء المدرسة.

قلت لابني: إزاي صاحبك يقول كدة؟ هو مش عارف إن ميس نبيلة مسيحية؟
فرد: بجد يا ماما ميس نبيلة مسيحية؟
قلت مؤكدة على كلامي: أيوة يا حبيبي.. ميس نبيلة حبيبتك مسيحية.
فرد: يبقي كدة المسيجيين يبقوا كويسين يا ماما، أنا بأحب المسيحيين وهاقول لصاحبي لما أشوفه إن ميس نبيلة مسيحية، أكيد هايحبهم زيي.

ثم شرحت لأبني (قماشتي البيضاء التي تنتظر مني أي معلومة جديدة لكي تحفظها عن ظهر قلب) فاكر كمان الدكتور اللي كان في المستشفى الحكومي اللي شافني قلقانة لما كان عندك إنفلونزا الخنازير والدكاترة كلهم كانوا بيزعقوا وهو الوحيد اللي قعد يهديني ويقوللي ماتخافيش! أهو دا كان مسيحي، شفت إزاي إن المسيحيين مش وحشين (بصراحة هذا الدكتور كان الوحيد الذي جعلني أتخيل بأني في مستشفى خمس نجوم ولست في مستشفى حكومي، وذلك بأخلاقه واهتمامه وأتمنى له من كل قلبي التوفيق)، ثم أكملت: ربنا يا حبيبي وصانا بالمسيحيين خير وقال إنهم الأقرب لينا، ولازم لما تلاقي حد يقول حاجة وحشة عنهم تقول عيب المسيجيين إخواتنا.

طبعًا لم أكتفِ بما قيل لأبني فقد أعتبرت توجيه أصدقاء ابني واجب مُقدس يجب أن أسعى إليه، فاتصلت بأولياء الأمور الذين أعرف أن ابني صديقًا لأبنائهم وشرحت لهم ما حدث وطلبت منهم أن يقوموا بمثل ما قمت به مع طفلي حتى لا نُخرج للمجتمع أطفالاً متعصبين دينيًا كارهين لرموزهم التي لها أكبر الفضل في تكوين شخصياتهم، ميس نبيلة لا تعرف أنها قدمت للمجتمع خدمة جليلة عندما فضلت أن تبقى في بلدها مصر لتعلم أبنائها ولكنها قدمت الكثير.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١٠ صوت عدد التعليقات: ١٨ تعليق