CET 00:00:00 - 14/02/2010

مساحة رأي

بقلم: عـادل عطيـة
ماهو موقفك ، إذا استوقفتك ، وقلت لك : لاتأكل التفاح ؛ لأن التفاحة ترمز إلى الخطيئة !
وقلت لك : لا تقتني الأرانب ؛ لأنها ترمز إلى الخبث ، والسرّية !
وبينما أنا أواصل اكتشافاتي الرمزية السلبية في الخليقة ، أراك ترمقني بإرتياب ، ثم تتركني ، وتمضي !
ولكني أُذكّرك أننا نعيش في مجتمع يمارس فعلياً هذه اللعبة ، التي لها دعاة ، ولها مؤمنين !
وما أصحاب اليمين إلا نموذجاً للذين يخلطون الرمز بالمرموز إليه ، ويقولون لك إن الاديان تقدس اليمين ، وتعتبره : رمز الحق ، والصواب ، والخير .. وتنبذ اليسار ، وتصفه : بالضلال ، والباطل ، والشر ..  ألا نجد ذلك صراحة في القرآن ، فيتحدث عن " أصحاب اليمين " بأنهم أهل الجنة ، ثم يتحدث عن " أصحاب الشمال " وهم أهل النار ؟!...

وألا نجد في الانجيل ، ذلك الملك ، الذي يقول للذين عن يمينه : تعالوا يامن باركهم الله ، رثوا الملكوت الذي أعده لكم منذ تأسيس العالم ، ثم يقول للذين عن شماله : ابتعدوا عني يا ملاعين إلى النار الابدية المخصصة لابليس ، وأعوانه ؟!...
وهكذا يخلعون على اليمين وعلى اليسار تقوى الناس ، أو شرهم ، بدلاً من اعتبارهما رمزان للتمييز بين الفرقتين ، ومن ثم ينادون اتباعهم بأهمية الأكل باليمين ، والتختم باليمين ، ودخول الحمام باليمين ، حتى أخشى أن يكفّروا كل أعسر إلى أن يتوب ، ويثوب ، ويرجع ، فيكتب بيده اليمنى ! وأن يرغموا المدربين العسكريين ؛ لكي يشيروا إلى جنودهم ، قائلين : يمين .. يمين وليس : شمال .. يمين ! ، وأن يرفضوا مثلنا الرائع : " اليد لوحدها لا تصفق " بإقصائية وتحريم !

ألا يدركون ان الجهة قيمة نسبية ، ليست مطلقة أو جوهرية ، فالشيء الذي يقع في جهة اليمين بالنسبة إلىّ يقع في يسار الشخص الذي يواجهني ، فاليمين واليسار مجرد إشارات لاتجاه نسبيّ ، فلو سألتني عن عنوان بيتي وقلت لك إنه البيت الأيسر ، مثلاً ، فهذا لا معنى له  أيسر بالنسبة لمن ؟ ، فالأيمن ، أو الأيسر ، ليس شيئاً معيناً بل مجرد تسمية دلالية ، أو جهة نسبية .. ليست جوهرية حتى تُبرّر وصم اليسار بالشر ، واليمين بالخير .
فهل نطلق العنان للتفكير المنطقي ، وغير المتعصب ، ولا نبعد كثيراً عن دماغنا الذي يتألف من نصفين كرويين ، ، فصه الأيسر هو النصف المهيمن  في الغالبية العظمى من البشر ، حتى في أولئك الذين يستخدمون اليد اليسرى في الكتابة ، أم سنصرّ على تسليم القياد للنصف الأيمن من أدمغتنا ـ بدون جلطة ـ ونصبح بالتالي من " أصحاب اليمين " ؟!...

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق