بقلم : د.ماريان جرجس
قديما قالوا من سبقونا فى المعرفة والعلوم ان احيانا تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن ....كما ايضا- يحدث -ان تختلط امور الحياه فيجهل الانسان وجه الكون الحقيقى ويسميه فى معاجمه :الخطأ: ولكن هيهات فمعلموا اوروبا قالوا ايضا ان الكون غير عبثى على الاطلاق....
وبدقه طبول يوم جديد دق ايضا جرس الباب لشقتين فى بيت من بيوت فى القاهرة الجميلة ..هو لم يكن الا وجها اعتدات عليه السيدتان فى الشقتين وهو رجل البريد الذى كان يحمل لهما رسالتين : واحده لكل منهن ...وفى لمح البصر –وكعادة كل موظفى الهيئات العموميه- اختفى
وعلى ما يبدو ان كل منهن كانت تنتظر رسالتها المرتقبه على احر من الجمر ...فاخذت الاولى الرساله وفتحتها بعد ان بعثرت ورقاتها المستهله بطريقة عشوائية وبدات تقرا بصوت عال :
" السلام عليكم ورحمة الله والصلاه والسلام على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اما بعد
ردا على سؤالك ايتها المرأة التى بعثتيه لى بخصوص استفسارك بشان ما تبادر واثُير فى الساحة الدينية مؤخرا عن عدم تجريم هروب الزوج فى حاله الحوادث او فى حاله الاعتداء على زوجته-لا قدر الله- فكما تعلمين ان الله -عز وجل- يسر على البشر احوالهم ولا يحمل النفس الا وسعها وفى تلك الاحوال يكون اخف الضررين هو الاختيار المحلل والمباح لزوجك واسال الله الا يصيبكما مكروه وبارك لكما فى بيتكما والاهم ياايتها المرأة الا تهملى فى واجباتك نحوه وتنشغلى بمناقشه تلك الامور !!! "
وعندما بدأ صوتها يتهدج ويقل من حدته نظرت الى الورق المستهل فى بداية الرسالة فلم تجد ان سطوره مازالت تصلح للقراءة وحاولت ان تخفى من دهشتها بل فزعها وجرت نحو الباب وكان يبدو على اسارير وجهها انها تحاول الالحاق بشئ ما
ولكن فى نفس الدقيقة وجدت جارتها السيدة زيبنب تجرى نحو الباب حتى التقيا امام احداهما الاخرى فى نفس ذات الدهشة والفزع
فسالتها الاول ناظرة اليها فقالت زبنب لها ...الحقيقة يامارى لابد ان تسمعى ما كان فى رسالتى:
فاخذت تقرا بصوت عال : " بسم الاب والابن والروح القدس (وكأن صوتها الخافت فى تلك الجملة كاد ان يكون واضحا ) ...بنُيتى الحبيبه وصلنى سؤالك الذى يحمل من الغرابة والدهشة الكثير واعلم ما تبادر لذهنك من دهشة وحيرة واسئلة حول ما تبلبلت به الساحات الدينية الاخيرة ...يابنيتى الحبيبه ...انسيتى يوم الاكليل عندما قولت
(ويصيران الاثنان جسدا واحدا ) ؟! ايحق للجسد ان يلقى بجزء منه فى الهلاك؟ ايعُقل ان اصابك مكروه ان تقطعى رجلك او ذراعك وتنجو بحياتك ؟ مستحيل ! ولا يقبله عقل بشرى ...فحبيبتى لى وامراتى الفاضلة منى وانا منها ....لا تشوب افكارك المخاوف ..سلام لكم جميعا
حينئذ ادركت السيدتان ان كل منهما اخذت رسالة الاخرى عن طريق الخطأ وما كان هذا اللبس ان يحدث الا عن طريق الخطأ الغير متعمد ... ولكن لم يعد هدوء البحار كما قبل فلقد عصفت الامواج بفكر كل منهما ... وبنظرة كل منهما تمقق فى الاخرى وبداخلها الف سؤال لم تستطع السيدة زينب الا ان تحرق الرسالة التى جأءتها بالخطأ وتحترق اسئلتها معها فى هشيم النيران وتغلق بابها على الفور... اما السيدة مارى اخدت مسرعه الى الكنيسة عندما علمت بوصول الاب الكاهن من الدير الى الكنيسة بعد ان كتب لها الرسالة بايام قليلة عندما اتصلت بهم
وبعد ان وصلت الى هناك فذهبت الى ابيها الذى رد عليها الرد الحانى المطمئن للنفس والذى ذهب فى نيران محترقه ولم تتمالك نفسها من ان تعرض له الرسالة التى جائتها بالخطأ
فتعالت ضحكات ابونا فى وسط دهشه مارى ولكنها قال لها مبتسما :- انا عارفه اللى كتب الرسالة دى!!! ..... واستطرد قائلا : انه من الفقهيين تقابلت معه فى مناظرة منذ اكثر من 10 اعوام وهو الوحيد الذى استطيع ان اميزه من دون الاف وكتب على الرسالة بخط ساخر جملها و حروفها متهكِمة عزيزى الدكتور ...اركن !
فتعجبت مارى من اسلوب ابيها الغير معتاد ولكنه قال لها انها ليست سخرية يا عزيزتى ولكن (اركن ) من ركن اى مال الى شئ وسكن اى اركن الى الحق ولا تركن الى الذين ظلموا كما فى كتابه!! ...لعل ذلك يبرز له الظلم البين كما كان يقول دائما فى كل المناظرات السابقة فالظلم يا عزيزتى قد يكون ابشع عندما نحمله فى كليمات على وريقات لا تتكلم الا باحبار السفه واللاموضوعيه
وتركها ابونا بمفردها وهو لايزال يضحك ضحكات متعاليه تجلجلت فى اروقة مبنى الخدمات ........
د.ماريان جرجس
اهداء خاص الى كلمه حق وصرخه عزة....