الأقباط متحدون - مسيحى يتبرع بكليته لتلميذته المسلمة!
أخر تحديث ٠٠:١٥ | الثلاثاء ٢٩ ابريل ٢٠١٤ | برمودة ١٧٣٠ ش٢١ | العدد ٣١٧٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

مسيحى يتبرع بكليته لتلميذته المسلمة!

بقلم: منير بشاى
كنت اتمنى ان يصبح الخبر، موضوع المقال، امرا عاديا بحيث لا يلزم اظهاره فى عنوان المقال بالبنط العريض.  ولكننا للاسف لا نرى ظاهرة المحبة تجاه من يخالفوننا فى الدين تحدث كثيرا فى عالمنا.  بدلا من المحبة نرى الخلافات الدينية التى تجلب الحزازيات بين الناس وتؤدى الى البغضاء وتبرير القتل والتدمير والترويع لمن يخالفنا فى الدين.  ولذلك فاظهار المحبة لهؤلاء عمل يستحق التوقف عنده والاشارة اليه لأنه اصبح عملة نادرة فى هذا الزمان الصعب.

هذا هو مقالى الثانى فى هذا الموضوع وكان المقال السابق بعنوان "البابا فرنسيس يقبل قدمى حامد"  وهو يتناول كيف ان اكبر رتبة كنسية لأكبر طائفة مسيحية قام بعمل عظيم فى التواضع والمحبة ليس فقط مع اعضاء طائفته ولكن حتى مع من يختلفون معه فى الدين.  فقد قام البابا فرنسيس فى العام الماضى بغسل ارجل مساجين من بينهم فتاة مسلمة من الصرب.  وفى هذا العام  2014 قام بغسل اقدام رجال معوقين من بينهم مسلم من ليبيا عمره 75 عاما اسمه "حامد".  وفى كلتا المرتين انحنى البابا وقبل اقدامهم، ثم شرح الدرس المستفاد عندما قال لهم "الأمر لا يتعلق بغسل اقدام الآخرين بل بأن يساعد بعضنا بعضا، واذا غضبنا على احد فلنتجاوز الأمر".

ولا أدرى ان كان المدرس البريطانى "راى كو" قد سمع عن ما عمله وما قاله قداسة البابا ولكنه قام بتنفيذ مغزاه  حرفيا وليس بترديد كلمات المجاملة.

وكان "كو" يعمل بالتدريس فى مدرسة فى منطقة ستراتفورد فى غرب لندن.  وكانت عنده فى الفصل تلميذة مسلمة عمرها 13 عاما اسمها "علياء احمد على".  وفى الصيف الماضى جاءت والدة "علياء" لتبلغ المدرس ان ابنتها ستتغيب عن المدرسة لأنها عندها جلسة غسيل كلوى.  وعرف المدرس مأساة "علياء" انها تعانى من فشل كلوى وعندها سأل ماذا يستطيع عمله من اجل تلميذته؟  وبعدها علم ان "علياء" تحتاج الى زرع كلى وهذا يتطلب وجود متبرع يعطيها احدى كليتيه.

لم يكن الأمر يتطلب تفكيرا طويلا بالنسبة الى "راى" فقد قرر ان يتبرع لها باحدى كليتيه ولم يثنيه عن قراره انتماء "علياء" الى دين آخر أو اصل اثنى مختلف.  بل ولم يفكر في تداعيات هذه التضحية علي صحته هو شخصيا.  ذلك ان "راى" يبلغ من العمر 53 عاما وهو السن الذى يحتمل ان يعانى بعده من تدهور فى الصحة، والحياة بكلية واحدة تضعه فى مخاطرة كبيرة اذا ما تعرضت تلك الكلية للمرض.

ومن البداية يبدو ان العناية الالهية قد باركت هذا العمل.  فاحتمال وجود توافق صحىى بين "علياء" و "راى" لم يكن كبيرا، ولكن التحاليل اثبتت وجود هذا التوافق.  وتمت العملية بنجاح فى فبراير الماضى ويتماثل كلاهما الآن للشفاء ومن المتوقع ان يعودا الى المدرسة بعد عطلة عيد القيامة.  وفى كلمات "أحمد على" والد "علياء" عرفان بما صنعه هذا المدرس صاحب القلب الكبير عندما قال "كو بطل ومنقذ.  لقد وهب لابنتى الحياة من جديد.  انه رجل مدهش ونحن مديونون له".

ولكن ما يدور فى العالم ليس دائما ورديا بهذا الشكل.  فمن بلادنا تأتى هذه القصة التى تحمل معنى مختلف تماما.  فقد نشرت جريدة اليوم السابع فى 29 سبتمبر 2013 قصة الطالبة المسيحية "مارينا سعيد" التى تبلغ من العمر 11 عاما والتى تعرضت للركل "بالشلوط" فى معدتها من مدرسها المسلم "اسامة ابراهيم" مما أدى بها الى نزيف داخلى حاد استمر على مدى ثلاثة ايام.

ليس هدفى تحويل الموضوع الى طائفى.  والقول بان المدرس لم يضرب "مارينا" وحدها بل ضرب أيضا طالبات مسلمات، لا يعفى هذا الوحش الأدمى من المسئولية، ولن يرضينا ان يعامل أى طالب مهما كان دينه بهذه الطريقة.  ولكن الحقيقة التى لا يمكن انكارها ان الطالبة المسيحية هى التى نالها اكبر نصيب من الغضب، فلماذا هذا الغضب بالنسبة لهذه التلميذة؟

عودة الى "كو" لمحاولة معرفة القيم التى دفعته للقيام بهذا العمل الانسانى.  يقول "كو" انه عندما علم بمأساة "علياء" احس ان الله اوجده فى الحياة "لوقت مثل هذا" مقتبسا من نص ورد فى الكتاب المقدس جعله يقتنع ان الغرض من حياته قد تحقق عندما وجد نفسه فى الوقت المناسب والمكان المناسب فى طريق "علياء" حيث أمكنه ان يقدم لها خدمته الانسانية باعطائها فرصة ثانية فى الحياة.

بغض النظر عن ديانة "كو" وما اذا كان فى رأيهم مؤمنا أم كافرا.  فهذا أمر لا يعنى غير الله فى اليوم الأخير.  ولكن ما لا شك فيه ان "كو" انسان نستطيع ان نتعلم من انسانيته الشىء الكثير.  وبغض النظر عن ديانة "مارينا" فكان يجب ان يعاملها مدرسها "أسامة" بشىء من الانسانية.  ولا يشطح تفكيرنا لنتوقع ان يعطيها فرصة فى الحياة على حساب صحته.  ولكن، على الأقل، لا يركلها بقدمه فى بطنها ركلة الموت.  هذه القدم لم تخلق لهذا..مثل هذه القدم غسلها البابا فرنسيس ثم انحنى وقبلها!

Mounir.bishay@sbcglobal.net


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter