بقلم: زاهي حواس | الثلاثاء ١٦ يونيو ٢٠١٥ -
٥٩:
٠٩ ص +02:00 EET
إبراهيم محلب
سؤال مهم يجب طرحه لتوضيح كثير من الأمور وهو: هل المطلوب من رئيس وزراء مصر أن تكون له رؤية أثرية لإدارة تراث مصر الأثرى؟ ورؤية سياحية للنهوض بقطاع السياحة؟ إضافة إلى رؤى أخرى صناعية وصحية وسكانية ومالية.. إلى آخره؟! فإذا تخيل أحد أن الإجابة هى «نعم»! إذاً فلماذا لا يدير رئيس الوزراء شؤون هذه الوزارات ويوفر للبلد رواتب ومخصصات انتقالات الوزراء؟! بالطبع ليس هذا ممكناً ولا يوجد فى العالم كله من يستطيع القيام بكل شىء!
ومع أننى حاولت فى حديث نشرته «المصرى اليوم» تأكيد هذا المعنى، إلا أن ما نشر ظهر وكأنه هجوم على رئيس الوزراء! وهذا تجنٍ وظلم كبير لرجل عملت معه لسنوات عديدة، عندما كان رئيساً للمقاولون العرب، ونفذنا معاً مشروعات ترميم عملاقة ومشروعات متحفية على المستوى العالمى.. ودائماً أفتخر بالعمل مع إبراهيم محلب، وأعلم أنه رجل أمين، مخلص فى عمله، عاشق لتراب هذا البلد.. وقد كتبت ذلك أكثر من مرة، ودائماً أقول إنه أصلح من تولى مهمة رئاسة الوزراء فى وقت شديد الصعوبة وظروف لا يتحملها بشر.
وقد يتفق معى كثيرون أن مهمة رئيس الوزراء لا تختلف عن مهمة مايسترو الأوركسترا.. قائد يقود عملاً جماعياً وينظمه ليخرج لنا مقطوعة موسيقية متناغمة. وشهادة حق لإبراهيم محلب هى أنه يواصل الليل بالنهار ويحاول الوصول إلى المواطن المصرى فى كل مكان وجهة فنراه يفاجئ أقسام الشرطة والمستشفيات ومنافذ البيع وغيرها، وهو ليس دوره أن يقوم بذلك، وإنما دور الوزارات المعنية، ولذلك أشفق عليه ملايين المصريين وهم يرون عليه علامات الإعياء والإجهاد واضحة.
من المشكلات الحقيقية للأسف فى بلادنا أن الناس- ولا نستثنى من ذلك الإعلام المصرى- لا تعرف الفرق بين النقد وبين الهجوم والرفض، فعندما أقول مثلاً إن وزارة الآثار أضاعت أكثر من أربع سنوات دون فعل شىء حقيقى للانتهاء من مشروع بناء المتحف الكبير، وأنه كان يجب البدء فى عمل الحملة الدولية لمساهمة المجتمع الدولى فى الانتهاء من المشروع، فالمحزن أن يختزل الكلام إلى مجرد أنه هجوم على وزير، دون النظر إلى الأفكار المطروحة، وهى أن هناك إمكانيات جبارة لهذا المتحف، سواء مادية ممثلة فى معامل ترميم على المستوى العالمى ومخازن آثار تستوعب آلاف القطع، أو إمكانات بشرية من مرممين وأثريين مدربين فى اليابان وعلى مستوى راقٍ نفتخر به! وكل هذا موجود ومنذ سنوات قبل عام 2011، فلماذا لم نبدأ فى الحملة الدولية، وعنوانها تراث مصر ملك للإنسانية كلها، وبدلاً من تصديع أدمغتنا بعدم وجود موارد وعدم وجود تمويل، لماذا لا نقدم للعالم الأفكار وندعوه للمساهمة؟ هناك مؤسسة إعلامية مستعدة لدفع الملايين لتصوير وتوثيق عملية البناء والنقل! وهناك مؤسسات ثقافية عالمية لو تمت دعوتها لوفرنا التمويل المطلوب! لكن كيف يتم هذا والعالم الخارجى لا يعرف ما يجرى داخل بلادنا سوى انفجار قنبلة هنا أو هناك، أو سقوط برج كهرباء؟! هل يمكن تصديق أن المصريين كرهوا أخبار المتاحف فى مصر لأنهم لا يسمعون سوى أخبار تدمير الآثار أو سرقتها، حتى وصل الأمر إلى نشر جريدة مقالاً بعنوان حاميها حراميها!!
من المستفيد من تدمير الأثرى المصرى والمرمم المصرى؟! ماذا فعلت وزارة الآثار لعلاج هذا؟! للأسف الشديد لا شىء سوى أخبار تأكيد وأخرى نفى وتوضيح!! فهل وظيفة إبراهيم محلب أن يبنى لنا المتحف الكبير من المال العام؟! النظر إلى هذا الكلام على أنه هجوم هو اختزال محزن للمشهد الأثرى فى مصر.. فأنا أقدر الدكتور ممدوح الدماطى، وزير الآثار، وأتمنى تقديم يد المساعدة للخروج من الأزمة وترميم نفوس الأثريين والمرممين، الذين يعيشون الآن فى أزمة كبيرة لافتقاد الثقة فيهم وفى عملهم.
لا أذكر أننى انتقدت عملاً دون تقديم فكرة أو حل، سواء فى مجال الآثار أو السياحة.. ومع النقد أقدر وأثمن جهود الوزراء، وأنا أعلم جيداً ظروف عملهم.. وأتمنى منهم المزيد حتى يرتاح المصريون..
هذه تحية وتقدير للمواطن المخلص إبراهيم محلب
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع