بقلم : ابرام مقار
كعادة الرئيس محمد مرسي يخرج علينا بخطابات ابعد ما تكون عن احتياجات الشارع المصري واهتماماته ونبضه. فحينما تنتفض مصر بأكملها من إعلان دستوري ديكتاتوري وتدٌخل السلطة التنفيذية في صلاحيات السلطة القضائية يتحدث هو عن «الحارة المزنوقة». وحينما يتحدث المصريين عن قرارات المحكمة الدستورية وبطلان الانتخابات التشريعية، يحدثهم مرسي عن «القرد والقراداتي».
وحينما يلتقي برؤساء مجالس المرأة في عيدها لمناقشة مشاكلها يتحدث عن «الأصابع»، وفي مصنع الحديد والصلب يتحدث عن «الصوامع». وأخيرا ما يحدث الان، فبينما يعيش المصريين في حالة من القلق والرعب علي أهم مصدر من مصادر الحياة وهو «المياه» وما سيفعله سد النهضة بإثيوبيا بحصة المصريين من المياه، وكذلك التغيرات التي ستحدث عند منابع النيل، يخرج مرسي علينا متجاهلاً هذه الأزمة الكارثية وهو رافعاً أصبعه وصوته ليس علي الإثيوبيين لكن علي من يحلو له الهجوم عليهم دائماً وهم «الإعلاميين»، وكأن «مدينة الإنتاج الإعلامي» أهم من «نهر النيل»!!. وهنا نسأل سيادته عن اي إعلاميين تُهاجم وعن اي اعلام تتحدث، هل تقصد مثلاً الإعلام الاسترالي الذي نشر وتهكم علي ما فعلته سيادتكم حينما قابلت رئيسة الوزراء الاسترالية في مقر الامم المتحدة في نيويورك. أم ربما تقصد الإعلام الروسي الذي تهكم علي طلبك ثلاثة مليارات دولار من روسيا في زيارتك لهم، حين كتبت صحيفة «كوميرسانت « تحت عنوان «زعيم مصر الجديد مُكلف بالنسبة لروسيا» ونقلت انطباع وزير الزراعة الروسي عنك بأنك «شخص غير حكيم». بينما في حقيقة الامر كانت الاساءة الاكبر هو ان الصحف الروسية الكبري مثل «إزفيستيا»، و «نيزافيسيمايا غازيتا» لم تكتب حرف واحد عن تلك الزيارة.
أو ربما كنت تقصد الإعلام الأمريكي ووصف صحيفة «نيويورك تايمز» لك بأنك تكرر نفس أخطاء مبارك في إدارتك من حيث قصر النظر والاكتفاء بشجب العنف في الحوادث الدموية. بينما لا يخلو اسبوع بدون تقرير عنك بصحيفة «الواشنطن بوست» وثمة اتهامات لك ب «الخائن للديمقراطية» و «الرئيس الذي لم يفعل شيئاً للمصريين»، او انك أصبحت عبئاً علي الغرب. او لعلك كنت تقصد الاعلام الانجليزي متمثلاً في صحيفة «الإندبندنت» الأوسع انتشاراً هناك والتي قالت انك خائن للثورة المصرية، وان نظامك يأخذ شكل «فوضوي».
هل تقصد الإعلام الكندي الذي وصفك بأنك رجل ب «وشين» كما قالت صحيفة «اوتاوا سيتيزن» او وصفك ب «الضعيف سياسياً» و «السلطوي» كما وصفتك صحيفة «ذا ستار فونيكس» الكندية. ربما تقصد الإعلام الألماني وما قاله تعقيباً علي زيارتك الأخيرة هناك من هجوم وبخاصة صحيفتي «دي فيلت» و «دير شبيجل» والتي انتقدت تقريباً زيارتك بالكامل -والتي لم تتجاوز الأربع ساعات- من حيت ظرف الزيارة وتركك لبلادك في وقت كانت تغلي فيه وذلك في أعقاب الإعلان الدستوري، الي طريقة تعامل المستشارة الالمانية «ميركل» معك، الي فشل الزيارة من تحقيق اي انجازات. او ربما كنت تقصد الإعلام الإسرائيلي -إعلام صديقك بيريز- الذي تهكم علي عدم قدرتك علي فهم انجليزية «أوباما» حينما أعلنت انت ان أوباما قد دعاك في مكالمة هاتفية لزيارة واشنطن، بينما قال البيت الابيض أن المكالمة كانت تتناول زيارة جون كيري للقاهرة لمقابلة الحكومة والمعارضة. او الإعلام الفرنسي الذي اتهمك بأنك تستخدم «إيحاءات جنسية» في تهديدات المعارضة بالإشارة ألي «حديث الأصابع» كما قالت صحيفة «لوموند». او لعلك كنت تقصد الإعلام النمساوي الذي نشر صورتك أنت والوفد المرافق لك وانتم نيام في القمة العربية الاخيرة في قطر.
بعد هذا كله اعتقد أن هؤلاء السابق ذكرهم هم من كنت تقصدهم بالتأكيد وليس صحف الفجر والوطن والتحرير و... . لعلك كنت تقصد اعلام جون ستيوارت وأندريه كاليسنيكوف وجيفرى جولدبيرج وليس اعلام باسم يوسف ولميس الحديدي وابراهيم عيسي وعمرو اديب وغيرهم من ال 99 بالمائة من إعلامي مصر -من تقول إنهم قلة- الذين ينتقدون سياساتك، هؤلاء إعلاميين شرفاء ينتقدونك للإصلاح وحتى لا يتحدث إعلامي العالم بهذه الطريقة علي رئيس «مصر». هؤلاء الإعلاميين ينتقدونك لأنهم يعشقون هذا الوطن، فبعد ما رأيناه منك علي مدي عام تقريباً، تكون الوطنية والصمت أمام ما تفعله «دونت ميكس".