الأقباط متحدون - رحيل عزازي وبقاء باجاتو
أخر تحديث ١٩:٤٦ | السبت ٨ مارس ٢٠١٤ | أمشير ١٧٣٠ ش ٢٩ | العدد ٣١٢٢ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

رحيل عزازي وبقاء باجاتو


"عزازي علي عزازي"

مينا ملاك عازر
لا راد لقضاء الله، ونحن لا نعرف حكمة الله، فبعيدة هي أحكام الله عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء، والتسليم بها أمر واجب، لا محيص ولا مفر منه، بيد أنك حين تتأمل خبر رحيل المناضل والمكافح اليساري والصحفي المحترم ومحافظ الشرقية الأسبق الدكتور عزازي علي عزازي تشعر بأنك أمام فجيعة مكتملة الأركان

حين يرحل رجل ذو مبادئ فهو حقاً مؤسف، رجل  قال للإخوان لا وهم في مهد سلطتهم، وهم في أوج عتيهم والتعاطف الشعبي معهم في ذروته، وهم متشحين برداء الثورية، ومتسترين بكذبة حب البلد، تشعر أنك أمام مسؤول جدير بالمسؤولية، أدرك من يوم الإخوان الأول أنه لا اتفاق بينه وبينهم، فقرر الرحيل عن منصبه تاركاً إياه لهم دون قبول لمفاوضات، واتخاذ منه ومن على شاكلته ستاراً لوفاق ادعاه الإخوان، وقتما الدكتور عزازي قدم استقالته من منصبه ورحل لأنه أدرك أن طريقه يختلف كلياً وجزئياً عن طريق الإخوان، أدرك أنه لا يمكن أن يجتمع معهم في مكان، مبكراً قرر الرحيل، حزم أمتعته عن منصبه وتركه في وقت أن تمحك الكثيرون لكي يطولوا شبراً في ركاب الإخوان، يتشعبطون في ذيل  قطارهم الداهس لأحلام المصريين، متسترين بأنهم يريدون الحفاظ على الشرعية.

لا تستطيع أن تدرك مدى قوة هذا الرجل الذي رحل عن عالمنا بعد أن رحل عن منصبه بسنة ونصف تقريباً، إلا حينما ترى الموقف المتناقض مع موقفه، وهو موقف المستشار بجاتو الذي ضحى بمنصبه القضائي المرموق بالمحكمة الدستورية وقبل أن يكون وزيراً بحكومة إخوانية بادعاء باهت أنه يضحي ليحمي القضاء، وهو الذي أهان القضاء بتعاونه المخزي مع الإخوان منذ لجنة البشري للتعديلات الدستورية ثم مواقفه في اللجنة العليا للانتخابات، بجاتو هو النقيض الذي يبرز ثورة عزازي ويوضحه

كيف يتخذ الرجال مواقفهم؟ كيف أصحاب المبادئ يقاتلون وأصحاب المطامع يتنقلون من نظام لآخر بقدرة فريدة على التلون المزعج أكثر من نقلة، بجاتو من المحكمة الدستورية لكرسي الوزارة، قدرته الفجة على العودة من كرسيه الوزاري بعد الثلاثين من يونيو إلى كرسي القضاء ضارباً أسوء الصور في مواقف الرجال المتلونين الباحثين عن مقعد بين مقاعد الطبقة الحاكمة بعكس عزازي الذي قرر الرحيل عن الكراسي وقتما رأى أن بقائه فيها إساءة له ولتاريخه ولمواقفه، لم يزايد ولم يدعي ولم يجامل نفسه، ولم يضحك عليها، ويقول أنه باقي لحماية أي شيء، بل قرر أن يغسل يده ويبرئ ساحته وسمعته من أن تتلطخ يوماً بأنه تعاون وتواطئ مع الإخوان، بعكس آخرين ارتضوا بهذا ولوثوا كل شيء امتدت إليه أيديهم.

لا أتمنى رحيل بجاتو عن الحياة كما رحل ذلك المحترم الدكتور عزازي فهذه أمور بيد الله، له فيها حكمة، والله قادر أن يطيل العمر للبعض، لعلها فرصتهم في التوبة، وليست فرصتهم لتكرار أخطاءهم، لكن حاتقول لمين؟ ومين يتعظ؟ أنا فقط أندهش من رحيل مناضلين عن الحياة السياسية وبقاء متلونين في كراسي الحكم، فقط تغيير في المسميات، المهم المسؤولية تبقى، والهالات تبقى ولا شيء يهم من الأوطان.

أخيراً، أعزيكم وأعزي مصر من قبل في رحيل عزازي علي عزازي، ذلك الرجل الذي لو لم يفعل في حياته شيء سوى استقالته في أوج زمن الإخوان، فهذا يكفيه ليسطر اسمه بحروف من نور في قلب مصر، كما أنعي لكم بقاء المتلونين رجال كل الأزمنة والعصور على الكراسي، وتبديلها كتبديلهم للجلباب والذقن بالبدل والكرافاتات، المهم ملاءماتهم مع متطلبات العصر.
المختصر المفيد الإنسان مبدأ فإن حاد عنه ولم يعد له فلا قيمة له.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter