كتب – نعيم يوسف
قال الدكتور ياسر برهامي – نائب رئيس الدعوة السلفية – في فثوي له على موقعه على الإنترنت إنه يجوز الثناء والدعاء على المسيحيين والذين وصفه بـ "الكفار" في معرض حديثه.
ونص الفتوى والإجابة كالأتي:السؤال: تعاملتُ مع رجل مسيحي في معاملات مالية وفي البيع والشراء، وكان شديد الأدب والذوق في تعامله، فكنتُ أقول له: "جزاك الله خيرًا - بارك الله فيك - الله يكرمك... "، ونيتي في كل هذا أن يهديه الله للإسلام. فقال لي أحد أصحابي الذي رأى مني ذلك: "إن هذه المعاملة قد تكون فيها فتنة للرجل المسيحي بأن يثبت على مسيحيته؛ لأنه قد يظن أنك بهذه المعاملة راضٍ عنه!" بينما أنا كنتُ أرى أن هذا من حسن الخلق... فهل أصاب صاحبي فيما قال أو هناك محذور شرعي فيما قلتُه للرجل المسيحي؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فما فعلتَه بهذه النية صحيح، ومثله ثابت عن الصحابة -رضي الله عنهم-، وقد يكون دعاؤك سببًا لهدايته للإسلام، وهو كما ذكرتَ مِن حسن الخلق؛ فإن مخاطبة الناس "ولو كانوا كفارًا" بالخطاب الحسن من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما-: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلامِ، وَبَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَيْهِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيَّ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى لِيَدْفَعَهُ إِلَى قَيْصَرَ، فَإِذَا فِيهِ: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى... ) (رواه البخاري ومسلم).
وقد أثنى شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- على ملك قبرص سرجوان النصراني في رسالته المشهورة باسم "الرسالة القبرصية" في أكثر من موضع، وأثنى على نفر من القساوسة الكافرين من أصحابه، فمن ذلك: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ أَحْمَد ابْنِ تَيْمِيَّة إلَى سرجوان عَظِيمِ أَهْلِ مِلَّتِهِ وَمَنْ تَحُوطُ بِهِ عِنَايَتُهُ مِنْ رُؤَسَاءِ الدِّينِ وَعُظَمَاءِ الْقِسِّيسِينَ وَالرُّهْبَانِ وَالأُمَرَاءِ وَالْكُتَّابِ وَأَتْبَاعِهِمْ، سَلامٌ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى. أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّا نَحْمَدُ إلَيْكُمْ اللَّهَ الَّذِي لا إلَهَ إلا هُوَ إلَهَ إبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ، وَنَسْأَلُهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى عِبَادِهِ الْمُصْطَفِينَ وَأَنْبِيَائِهِ الْمُرْسَلِينَ، وَيَخُصُّ بِصَلاتِهِ وَسَلامِهِ أُولِي الْعَزْمِ الَّذِينَ هُمْ سَادَةُ الْخَلْقِ وَقَادَةُ الأُمَمِ الَّذِينَ خُصُّوا بِأَخْذِ الْمِيثَاقِ وَهُمْ: نُوحٌ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَمُوسَى، وَعِيسَى، وَمُحَمَّدٌ...
ثم قال: "لَسْت أَقُولُ عَنْ الْمَلِكِ وَأَهْلِ بَيْته وَلا إخْوَتِهِ؛ فَإِنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ شَاكِرٌ لِلْمَلِكِ وَلأَهْلِ بَيْتِهِ كَثِيرًا مُعْتَرِفًا بِمَا فَعَلُوهُ مَعَهُ مِنْ الْخَيْرِ وَإِنَّمَا أَقُولُ عَنْ عُمُومِ الرَّعِيَّةِ... وَأَبُو الْعَبَّاسِ حَامِلُ هَذَا الْكِتَابِ قَدْ بَثَّ مَحَاسِنَ الْمَلِكِ وَإِخْوَتَهُ عِنْدَنَا وَاسْتَعْطَفَ قُلُوبَنَا إلَيْهِ؛ فَلِذَلِكَ كَاتَبْت الْمَلِكَ لَمَّا بَلَغَتْنِي رَغْبَتُهُ فِي الْخَيْرِ وَمَيْلُهُ إلَى الْعِلْمِ وَالدِّينِ... ".