الأقباط متحدون - أقوي رجُل ضعيف
أخر تحديث ١٣:٢١ | الجمعة ٣ يوليو ٢٠١٥ | ٢٦بؤونه ١٧٣١ ش | العدد ٣٦١٠السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

أقوي رجُل ضعيف

بقلم: ليديا يؤانس
هالو !!  هالو!!
 
من ملامح وجوهُكُمْ المُبتسمة وبريق عيونُكم يبدو لي أنكُم تعرفونني جيداً  ..  أنا لستُ مُستغرباً!
 
ولكن إسمحوا لي بأن أُقدم لكُم نفسي وأقُصُ عليكُم قِصتي التى يمكن بعضُكم يعرفها،   ربما قرأتموها في الكتاب المُقدس  (سفر القضاة 13-16)  أو شاهِدتمُوها في فيلم سينمائى لأنني بطل مشهور من أبطال العهد القديم.
 
أنا إسمي شمشون !!! 
 
مُعظم الناس يُطلِقون عليّ "شمشون" أو "شمشون الجبار" وخصوصاً في وسط الشباب الصغار الذين تُبهِرهُم القوة والعضلات المفتولة،   وبالمُناسبة معنى إسمي بالعبرية " قوة الشمس" لإن إسمي مُكون من مقطعين "شمش" وتعنى "شمس" والجزء الثانى "ون" ويعنى "قوة." 
 
أنا لما كُنت عايشْ على الأرض مِثلُكم كُنت أشهر شخصية في العالم،   كل الناس كانوا يعرفون من هُوّ شمشون،  كانوا يتكلمون عني بِكُل إحترام أو بمعنى أدق إنبهار .. شئ طبيعي!!!
 
أنا كُنت أقوى رجُل عاش على الأرض مُنذُ بدء الخليقة،  لو أنا عايش معاكُم اليوم أكيد سوف لا يكون لي مُنافس على الإطلاق!
 
إذا كُنت أنا أقوى رجل على الأرض في العصر القديم،   حيث كان الناس أقوياء بطبيعتهم،   ويعمرون سنيناً عديدة قد تتجاوز المائة بكثير،   لإنه ليس عِندهُم إكتئاب وهموم مِثلَكُم،   كانوا يَعيشون على المصادر الطبيعية للكون،   أما أنتم فتُعانونَ من تلوث البيئة والضوضاء والإزدحام والغذاء الصناعى والفيتامينات والصراع على المال والوظائف،   ولذلك متوسط عُمر الإنسان عندكم يكاد يكون نصف أو ثلث عمر الإنسان في أيامنا.
 
بالتأكيد لو أنا عايش معكُم الآن كُنتم ستفتخِرون بأن أُمثلكُم في الألومبياد،  ولكن أكيد كُنتُم ستتأسفون بأنهُ ليس لي مكان في وسطكم وفي ملاعِبكُم لأن مواصفاتي ومقاييسي وإمكانياتي سوف تكون أعلى من كل اللاعبين.
 
لا تنظرون إلىّ هكذا بطرف عيونكم!    أنا لستُ مغروراً!  أو مبالِغاً في تقييم نفسي!  أنا سأقول لكم حقائق وفي الآخر أنتُم ستحكُمون بأنفسكم!
 
 
طبعا تعرفون أنَ مِرآة الحُب عمياء!    وأنا شاب صغير وقعت فى حُب إمرأة ليست مُناسبة لي،    أي أخطأت الإختيار.
 
هذه المرأة كانت فلسطينية أي ليست إسرائيلية،   وبالتالي ليست من أولاد الله،   أبي وأمي لم يوافقا عليها،   لإن الشريعة تمنع الزواج بالأُمميات  .. ولكن ماذا يفعلان مع شاب مثلي!
 
بدأت رحلتي إلى مدينة "تِمنه"  التى بها العروس،   المدينة على حدود أراضى يهوذا،  وتقع على هضبة تعلو 740 قدماً عن سطح البحر،  الرحلة كانت شاقة جداً ومُحاطة بالأخطار،   قُطاع طرق،   أو حيوانات مفترسة، أنا فى الواقع كُنت غير مُستعد لذلك!
 
كُنت ماشي طول الطريق بَحلَم بليلة الزفاف وأخطط لحفلة العُرس،  وبطرف عيني لمحت فروه لونها ذهبي تلمع فى الشمس،   وبها بُطش أغمق شويه مِثل البيج،   طارت نحوي من مخبأ بسرعة البرق .. كان أسد!!!
 
وإذ فجأةّ زأرُ وطار في الهواء لينقض علي،  أنا لمحتهُ بطرف عيني قبل ما يوصل لي،   صوته رعبني وشلني،   سُرعتُهُ ووزن جِسمهُ كفيلان بأن يدُقا أي فريسة تحت رجليه،  أسنانهُ ومخالبهُ مُصمَمين لكي يقطعوا الفريسه إرباً إرباً،   أنا نِشفت في جلدي،  إتسمرتُ في مكاني.
 
أسد يختلف كثيراً عن الأسود إللي عِندكم في حدائق الحيوانات،   الأُسود بتاعتكم يُقدمون لها أكل في مواعيد ثابتة وكل يوم،   أما هذا الأسد بالتأكيد كان جوعاناً جداً،   يمكن لم يجد فريسة يقتنصها ويأكلها منذ فترة ..  أسد حقيقى!!! 
 
تعرفوا أنا عملت إيه!   بدون تأخير ثانية واحدة لإن الثانية تفرق في هذة الحالة،     في لحظة قفز الأسد علىّ ليقتُلني،   في نفس اللحظة شعرت بروح الرب يحلْ عليّ،   فإنحنيت تحت الأسد ومسكتهُ من تحت بطنهِ،   فِضلتُ ماسكُه وهو طاير فوق مني،   في هذة اللحظة ممكن تسمع صوت تمزيق الأعصاب إللي ماسكه عظامه وعضلاته،    وفجأة وجدت الأسد إنقسم إلى قسمين،  جزء مُلقى على الأرض،    وجُزء مازلت قابِضاً عليه من شدة خوفي،   ولكن لما تيقنت من أنني قتلته،  ألقيت بالجزء الذى كنت مُمسِكُاً به بجانب الجزء الآخر. 
 
لا أُخفي عليكُم أنا إترعبت من قوة إيدى!!!  
لما نظرت إلى جُثتة أمامي،   تأكدتُ أنني أقوى رجُل على الأرض،   لا جاءَ قبلي ولا سيجئ بعدي!
 
 
ليسه مُشْ مصدقني!  ليسه مُشْ متأكدين إني أقوى رجُل عاش في العالم مُنذُ بدء الخليقة!
 
 
أقول لكُم حاجة ثانية وقولوا لي رأيُكم إيه ..  
لما كُنت عايش على الأرض كان العدو الأول للإسرائيلين هُمْ الفلسطينيين،   كانوا مُتوحشين ومُجردين من الإنسانية،  وواقفين دائماً أمام أهلي الإسرائيليين،    كان عِنُدهم جيوش وأسلحة كثيرة مُدربين عليها،   هؤلاء الجنود الوثنيين كانوا ينقضون على بهائِمنا ومزروعاتنا يسرقون وينهبون ويدمرون ما يجدونه. 
 
لم يكن هناك إسرائيلي يستطيع أن يقف أمامهم .. ولا واحد!!!    
ولكن أنا فقط "شمشون"!   كانوا عارفين إن أنا فقط!    أنا فقط!    الذي أقف بينهم وبين رغبتهم في السيطرة على إسرائيل،    شمشون فقط الذى يقدر أن يُقاومهم.
 
في يوم جاء قادة الفلسطسنيين إلى شيوخ بني إسرائيل وقالوا لهم: سلِمونا شمشون وإلا سنُدمركُم ونمحو إسمُكم من على الأرض.
جاءني ثلاثة آلاف إسرائيلي من سبط يهوذا للتفاوض معي وقالوا:  "أما علمت أن الفلسطينيين مُتسلطون علينا فماذا فعلت بنا؟"
قُلتُ لهم "كما فعلوا بي هكذا فعلت بهم".   
قال لي أهلي الإسرائيليين "نزلنا لكي نوثقك ونُسلمك إلى يد الفلسطينيين" ..  لو لم نفعل ذلك سوف يقتلوننا كلنا. 
قُلت لهُمْ: إخواني .. أنا موافق،   ولكن إحلفوا لي أنكم لا تقتلوني.
قالوا: لا .. نحن فقط سنوثقك ونُسلِمك لهُم ..  لكن إحلفوا لي أنكُم سوف لا تقتلوني ..    لا.. لا ..  نحنُ فقط سنُوثقك ونُسلمك لهم.  
ثم ربطوني بحبلين جديدين،   ليست حِبال عادية مِن إللي أنتُم بتستخدموها في منازلكم،   ولكن أنا بَتكلم عن حِبال قوية جداً مصنوعة من نبات القنب،    حبل سميك جداً قُطره مثل قُطر ذراعك،    الحبال إللي بيربطوا بيها السُفن الكبيرة في البحار. 
 
أنا كُنت سامِعْ أهل بلدي بيهمِسوا مع بعضهم ويقولوا: لكن أكيد الفلسطينيين سيقتلونهُ.   
قلت لهم ماتجادلوشْ .. إعملوا إللي بقول لكُم عليه ..  أربطوني بالحبال وسلموني للفلسطينيين،  وفعلا ربطوني بحبلين ونفذوا كلامي.
 
أخذوني إلى "لحى" المنطقة التى سَأُسلمْ فيها للفلسطينيين،    كان منتظرني حوالى خمسة عشر ألف جُندى فلسطيني مُجهزين بالأسلحة،    أهل بلدي وضعوني في هذة المنطقة وتركوني وأخذوا طريقاً آخر للعودة حتى لا يتقابلوا مع الفلسطسينيين. 
 
كنت واقف تحت الشمس،   معزول بمفردي فوق الجبل،   الفلسطينييين محاوطين المنطقة من حولي،   طبعا كان أسعد يوم بالنسبة لهم!
الفلسطينيين بدأوا يزحَفون نحوي من كُل إتجاه،   بدأت الحلقة تضيق حولي،   الكُل يتسابق من الذي سيحصُل عليّ أولاً   لكي يحصل على الجائزة،   وينال هذا الشرف العظيم بأنه قتل شمشون،   الذى سيدفع السيف في قلبي ويفصل رأسي عن جسمي سَيذكُرهُ الفلسطينيين في تقليدهُم على أنهُ بطل الأبطال لأنه ذبح شمشون أقوى رجُل على الأرض. 
 
بدأوا يركضون نحوي وأنا واقف مكاني مربوط وعاجز عن الحركة،   عندما بدأ الخمسة عشر ألف جندى يتحركون نحوي كانت الأرض بتتهز تحت مني،   بدأوا يجروا أسرع وأسرع نحوي،   وصيحاتهم الحربية ملأت الجو بضجيج إختلط بالتراب الذى صعد إلى فوق بسبب جريهم على الأرض. 
ولكن عندما إقتربوا أكثر وكان يفصل بينى وبينهم حوالى 200 متر،   أنا وقفت وضغطت برجلي على الأرض،  بدأت أشد عضلاتي وأضغط على الحبال،   وفي هذه اللحظة شعرت بروح الرب يحِلْ عليّ،    ويتغلغل في عروقي،   الحبال القوية أصبحت مِثل الخيوط المحروقة الشايطة،   ثم نفختهُم من على جسدي وكأنهُمْ لا شئ. 
 
عندما رآني قادة الفلسطينيين وأنا أنفُض الخيوط،   فقدوا هدوءهُم،   وبدأ كل واحد يُقدم الآخر عن نفسهُ،   كما لو أنهم يتقاسمون المجد مع بعضهم البعض،   ولكن فى الواقع كل واحد كان يُقدم أخوه بسبب الخوف مني.
 
نظرت حولي لكي أجد أي سلاح أُحارِبهُمْ بهِ .. ولكن لا شئ!  
هُم فقط إللي معاهُم سلاح .. هُم دائما إللي عندهُم سلاح ..  ياللمهانه!  
كيف أُحارب بدون سلاح؟
إلتفتُ حولي وإذ بي أجد حماراً ميتاً،   وبإحباط ضربت هيكل الحمار برجلي،   فوجدتهُ طرياً وليس جيفة وأسنان الحمار مازالت في فكهُ،    أخذت الفك وهُوَ ده السلاح الذى كنت أنا مِحتاجُه!
المُشكلة إن الجنود إللي في الخلف لم يعرِفوا هذا التغيير المُفاجئ،   لإن الجنود الأماميين بدأوا يجروا بِذُعر للخلف،   إختلط الحابل بالنابل،   وبدأوا يتخبطون في بعضهم البعض،   الكل عايز يهرب. 
قلت لنفسي،   ياواد ياشمشون،  أصبح عندك سيف .. عظام فك الحمار.
 
بدأت أتحرك في وسطهم بطريقة همجية ووحشية،   أدور وألف في إتجاه،   ثم في الإتجاه الآخر مِثل خيوط العنكبوت،   أنزل لتحت لمدة قصيرة،   ثم أتأرجح لفوق عالياً زي إللي بيرقص رقصة الموت. 
الجنود الفلسطينيون بدأوا يصرخوا،  بدأوا يموتوا،  إضطراب وهياج،  بدأوا يدوسوا على بعض في يأس وفي محاولة للهرب،  خسائرهُم كانت فادحة،   على بعد الظُهر كان عدد القتلى حوالي ألف جُندي،   والباقي بيهرب ويجري لإنقاذ حياتهُ،  عموماً ألف من خمسة عشر ألف مُش بطال!
 
 
إيه رأيكم؟ 
ليسه مُش مُتأكدين إني أقوي رجُل إتوجد على الأرض ..  ليسه عايزين أدلة وبراهين ثاني  .. ما فيش مانع! 
 
 
خذوا أيضاً هذة القصة،   فى يوم كُنت شاعِرْ بالملل والضجر،  رجلي أخذتني إلي غزة،   غزة من أكبر المدن الفلسطينية،  مدينة على البحر شدتني وجذبتني،  ذهبت لكي أقضي بعض الوقت وأستمتع بالمنطقة.  
تنكرت وأخفيتُ نفسي حتى لا أدَعهُم يعرفونني،  . بدأتُ أمزح وأختلط مع الناس فى الشوارع المُزدحمة،   وفجأة رأيتُ إمرأة تُعلن عن بُضاعتها في المساء،    لفتت نظري وأعُجبتُ بالذي رأيتهُ!
 
أنا كُنت عارفْ إن ذلك خطأ،   ولكن دفعت فلوس لكي أقضي معها بعضُ الوقت. 
في مُنتصف الليل بدأتُ أستعد للرحيل،   ولكنني أدركتُ أنني لم أُخفي هيئتي ومظهري جيداً مِثلما إعتقدت،   ويمكن أيضاً الفلسطينيين إتعرفوا عليّ خلال الساعات القليلة الماضية،    رُبما دَبروا خِطة لكي يصطادوني قبل أن أُغادر غزة.
 
غزه مثل كل مُدن فلسطين كانت مُحاطة بأسوار كبيرة عالية،  عالية لدرجة أنكَ لا تستطيع أن ترى ماخلفها،   وعريضة بالكفاية لتركب سيارة وتجرى حولها،    الحوائط مبنية من حجارة ضخمة جداً لتحفظ المدينة من الأعداء،   ويوجد أيضاً لكُل مدينة بوابة ضخمة أو أكثر،  البوابة تُعتبر قوة المدينة،   ومُصممة لكي تحمي المدينة بأن يغلقوها مساءاً ويفتحونها بالنهار لكي تسمح للناس بالخروج والدخول لكي يذهبوا  إلى أعمالهُم أو مزارِعهُم أو تجارتهُم.  
 
البوابة من الأرض لأعلى بمُحاذاة إرتفاع حائط سور المدينة،   البوابة مصنوعة من خشب ضخم صلب جداً (خشب البلوط)،   وسُمكها حوالي 6 أقدام،   ومحمولة على مفصلات برونزية،   والأعمدة بتاعتها مطمورة في الأرض بعمق 10- 15 قدم،   هذا ليس كفاية فالبناء الداخلي للبوابة مُعززْ بعوارض برونزية ..  حاجة ضخمة جداً.. مُش كده!  
عندما يُغلِقوا البوابة لا يستطيع أحد أن يدخل أويخرج من المدينة،   لو قفلوها وأنا مازلت بالداخل فليس هُناك طريقة للخروج،  سأُصبح في فخ أو مكيدة والفلسطينيون سيصطادوني بسهولة. 
 
لا أُخفى عنكُم،   بدأتُ أشُك في أنْ شيئاً قد يحدُث في مُنتصف الليل،    قُلت أرجع قبل ما يقفلوا البوابة،   وبدأت آخذ طريقي في العودة إلى منزلي،   عندما بدأتُ أسير في الشوارع لاحظتُ أناسْ يتلصصون وينظرون من خلف النوافذ،   سَمِعتُهم يهمِسونْ .. أخذناه .. شمشون لنا!
 
عندما إتجهتُ نحو مدخل المدينه وجدتُ البوابات الضخمة مُغلقة بالأقفال،   إذن ما حسبتهُ قد حدث،   سوف يأخذونني مِثل أسد في قفص،  أو على الأقل هُمْ إعتقدوا ذلك،   وقفت أفكر ما الذي يجب أن أفعلة في هذة الحالة:
هل أختبئ ..  رُبما!  
هل أُخلخِلْ القفل أو أكسره ..  يمكن!
لا .. لا  ليس هذا أسلوبي ..  ليس هذا شمشون!
 
تماسكتْ ولم أرتعشْ من الخوف،   بل مَشيتُ بإستقامةِ وجسمي ممشوق،   وإتجهتُ ناحية سور المدينة وجئت عند البوابة الرئيسية،   ووقفت في الساحة أمام البوابة وبدأتُ بطريقة إستعراضية أدور حول نفسي،   لكى أتأكد من أن كُل واحد منهم عرف من أنا!   أنا شمشون القوي! 
 
وصلت للبوابة،   ثم بصقتُ على يداي،   وإنحنيتُ لتحت وأمسكت العوارض المُسلحة،    وهيلا  هيلا هوب!
أنا كُنت سعيد بهذه العوارض لأنها ساعدتني على أن أمسك منها البوابة،   ثم بدأت أجذب لكنها كانت صعبة جداً،   وفجاة بدأتُ أشعر بروح الرب يتحرك في داخل جسمي،    كل ما أسحب أجدها أصعب وأصعب ولكن بدأت أسمع صرير وصوت الأخشاب وهيّ تتحرك من مكانها ثم إنخلعت البوابة من مكانها. 
 
لو شخص مكاني كان رمى البوابة على الأرض ومشى،   ولكن أنا شمشون!  
قررتُ أن أذِلهُم وأسخر مِنهُم،   ولذلك رفعت البوابة على أكتافي ومشيتُ بها إلى فوق التل حوالى 28 ميلاً بعيداً عن المكان ورميتها هُناك،    رُبما يذهبوا ليحضروها بفريق من الخيول والرجال ويرجعوها ثانى لو إحتاجوها. أردتُ أن أحرِجهُم وأهينهُم فهذة قوة مدينتهم وأنا كسرتها ورميتها بعيداً.
 
أنا أقوى رجُل إتوجد على الأرض .. بدون منافسة ..  بدون مجادلة ..  وبدون منازع!
إنتوا عارفين إيه إللى بيضايقني ويزعجني،   لما ناس مِثلكُم يتذكروني،  يفتكروا إني مُجرد رجُل قوى،  وليس رجُلاً عظيماً!  لابد أن أكون رجُلاً عظيماً!   بل يجب أن أكون رجلاً عظيماً!
 
 
أيضاً ميلادي كان شئ خاص ومُختلف،    لقد تم إعلان ميلادي بواسطة ملاك الرب،   أى بواسطة الرب نفسهُ،   أنا كُنت هدية لزوجين عاقرين ولشعب في محنة.
الملاك قال لأُمي: سوف تحبلين وتلدين إبناً،   سيكون لهُ رسالة في الحياة،   الغرض من حياتة أن يُخلص شعب إسرائيل من يد الفلسطينيين.  
 
مُهمتي أو رسالتي كانت واضحة جداً،   طريق حياتي كان واضحاً أمامي من البداية.
قبل أن يذهب الملاك قال لأُمي: الشئ الوحيد الذى يجب أن تتذكريه،   الشئ الوحيد الذى يجب أن تعرفيه،  أن هذا الصبى سيكون نذيراً للرب من البطن.  
 
رسالتي كانت مُحددة من قبل أن تولدني أمي فأنا نذيراً للرب،   ومُخلصاً لبني إسرائيل،   وأيضاً قاضياً لأهلي الإسرائيليين. 
 
هل تعرفون ماالذى يجعل النذير نذيراً للرب؟ 
ثلاثة قواعد أساسية ليكون الشخص نذيراً للرب،   أُمي قالت لي عليهم لما كَبَرتْ:
1. لا تنسى ياشمشون ياحبيبي،  يجب ألا تلمس شيئاً نجساً،  لا تقترب من تابوت ميت أو شخصاً ميتاً أو أي كائن ميت.  أنا عارِف ياماما .. أنا عارف ياماما ..  إنتي قلتي لي الكلام ده مليون مرة.
2. شمشون لا تذهب هُناك،   أقصُد الأماكن إللي بيقدموا فيها الخمور وكل الحاجات إللي زى كده،  لا تشرب عصير مُتخمر.  أنا عارف ياماما.
3. أبويا منوح وأُمي أكدا وقالا لي: شمشون إياك وأن تقُص شعرك.  أنا عارف يابابا،   هذا علامة على إني نذير للرب،  وكل الذين سيرونني سيعرفون أنني نذيراً للرب،   لإنه شئ غير عادى أن لا يقص الرجل شعره! 
 
مُشكلتي لم تكُنْ عدم مَعرِفة ولكنها عدم طاعة!!!
 
أنا أتذكر اليوم الذى قُمت فيهِ بالزيارة الثانية لمدينة "تِمنه" ..  أنتم فاكرين طبعاً المرة الأولى التى ذهبتُ فيها إلى تِمنه لعمل ترتيبات الزواج،    والآن قد إقترب وقت إحتفالات الزواج،   لقد حان الوقت لكي أتزوج.
مشيتُ في نفس الطريق إللي قابلت فيه الأسد،   أكيد أنتُم ليسه فاكرين أنني بيد واحدة قسمتُه نصفين.
 
ياه .. النهارده الجو ساخن جداً في المنطقة،    الشمس ليست فقط بتضربك بأشعتها الحارقة،   ولكنها أيضاً بتمتص المياة من جسدك،   بتمص حياتك.    أنا أعرف أنني قوى،   ولكن  الشمس هاهاهاها!
بدأت آخذ ضربة شمس،  وفي نفس الوقت  جوعان.
 
فجأة وجدتُ نفسي أمام الأسد الذى قسمتهُ نصفين،    قربت مِنهُ لأُلقى نظرة عليه،  وجدت عسل،     وخلايا نحل جيوه الجيفة بتاعة الأسد،   كل إللي أنا شايفُه أكل،  وعسل،   وأنا جوعان،    وبدون ما أفكر ضربتُ يدي جيوه الجيفة وكبشت شوية عسل من خلية النحل الموجودة بالجيفة وعلى فمي على طول،   آه لم أذُق حلاوة مِثل ذلك من قبل،   أنا آكل العسل والعسل يتساقط من فمي علي لحيتي ويسيل على إيدي وذراعي،  العسل  حيلو جداً.  
 
إنت عارف يعني إيه إنك أخيراً تجد طعام في مكان مثل ذلك،   عجيب ذلك العسل المسكر،   سوف تشعر بالطاقه والقوه تندفع خلال جسمك مرة أُخري،   أحسست أنني أريد أن أستريح قليلاً من الرحلة.
 
وفجاة تذكرتُ ماقالتهُ أُمي بأن ملاك الرب قال لها يجب ألا ألمس شيئاً نجساً أو ميتاً،   الآن أدركتُ أنني بفعلتي هذه قد لمستُ جيفة ميتة وأنني لذلك كسرت نذري. 
رفعت عيني إلى السماء،   وإنتظرت ان برق ينزل علي من السماء،   أو ربنا يبتلعني بواسطة زلزال .. أو .. أو ..  ولكن لم يحدث شيئاً لي!!!
 
إحتمال أبويا وأمي كانا مُخطئان،   لم يحدُث شئ!   وربما هذه الخطية كانت صغيرة أو غير مقصودة!
 
وصلت تِمنه،  مراسم إحتفالات زواج الفلسطينيين كانت تستمر أيام،  الفلسطينيين بطبيعتهم رجال حرب خشنين،  يحبون الصيد والقتل،   ولكن عندما تحتفل معهم يجب أن تكون خشناً مِثلهُم.  
في الواقع لم يكُن هُناك حفلة زواج ولا شئ من ذلك القبيل،  كان شئ همجى خشن وأيضاً كلفني كثيراً!
 
لما تتزوج من غير المؤمنين بتخسر كثير،  مهم جداً أن تتزوج ممن يتفقون معك إيمانياً وثقافياً وإجتماعياً،   لكي تكسب نفسك وتُرضي إلهك.  
أنا صرفتُ كثيراً على إعداد حفل الزفاف علي حسب تقاليدهم،  أيضاً الفلسطينيين بيحبوا الشُرب جداً،   ولذلك جعلوني أعرف كل أنواع الخمور والبيره التى تلزم لهذه المُناسبة.
 
الحفلة إستمرت يوم بعد يوم وليلة بعد ليلة،    كان إحتفال رائع،    كل الشباب الفلسطينيين كانوا بيبُصوا لي وبيفحصُوني من قِمة رأسي إلى أخمص قدمي،   كانوا عايزين يتعرفوا علي ويعرفوا من هو هذا الشمشون الذين سمعوا عنهُ،    الرجُل القوى الذى لا يقدر أى شئ أن يقف أمامهُ،    كانوا عايزين يتأكدوا إني راجل حقيقي،   وإني واحد من الشباب مِثلهُم،    وأنتم طبعاً عارفين إني راجل ولا كُل الرِجالة! 
 
الكُل كان بيشرب وأنا لازم أُنادمهُم الشراب،   البيره الفلسطيني  .. آه ياربي .. شئ طعمُه رهيب،     فجأة أدركتُ أن هذا الكأس رقم إثنين!
 
آه ياشمشون ماذا دهاك؟ 
لقد كسرت القانون الثاني من نذر النذير! 
نظرتُ حولي وإنتظرت،  إن ربنا ينزل علي صاعقة من السماء،   أويرسل ملاك من عنده يحرقني بالنار، ماذا ستكون عاقبة خطيتي؟ 
وقفتُ كثيرا مُنتظراً،    لم أكُن تماماً خائِفاً،  ولكن مازلت أتساءل ماذا سيفعل بي الرب؟ 
أنتُم عارفين ربنا عمل إيه .. 
لا شئ ..  لا شئ على الإطلاق!
 بدأت أفكر رُبما أنا كُنت مُبالغاً في تقديري لهذة الخطية،    لغاية الآن أنا كسرت إثنين من قوانين نذر النذير،   ومافيش حاجة حصلت،   الحياة مازالت مُستمرة،   ومازلت أنا أقوى رجُل،   قتلت الكثير من الفلسطينين ومازالت الحياة مستمرة.
 
 
فى يوم من الأيام إعتقدت إن ربنا إستجاب لصلواتي،   قابلت إمرأة .. هاهاهاها .. إمرأة ولا كُل النساء!
 
لم أُقابل إمرأه مِثلها من قبل،  عيونها تدوبك دوب،  الشمس لفحت بشرتها بلون خمري آخاذ،  شعرها أسود غجري،  قدها ممشوق يلفت نظرك بمقاييسهُ الدقيقة جداً،     فيها جاذبية وأنوثة طاغية،    حركاتها ولفتتاتها ومشيتها فيها دلال يلوح الرؤوس! 
قُلت لنفسى ياواد يا شمشون،  أهي دي إللي تملأ الدماغ،   أخيراً وجدت ضالتك المنشودة يا شمشون،    آه حتى إسمها مزيكا!  
دليلة،  أنتم تعرفونها،    دليلة تستحوذ على خيالك،    تأسرك بجمالها وطراوتها وسحرها،   كل شئ عندها كان مثالي،  لو إنتَ بِتحلم بإمرأة،    إمرأة بمعنى الكلمة،    يجب أن تحلم بدليلة!  
إمرأة عندها كل شئ ممكن يحتاجُة الرجُل،   عندها كل شئ فيما عدا حاجة واحدة،  أنها مُزعجة جداً ولحوحة جداً.  
كانت رائعة لكل من يراها،   ولكنها مُزعجة،  عندما تفكر في شئ لازم تنفذه،   تظل تحاول وتحاول بِكُل الطُرق والوسائل لغاية ما توصل للي هي عايزاه.
 
أرادت أن تعرف سر قوتي!
 
شمشون ..  شمشونتي ..  لو بتحبني قُلْ لي ما السِرْ في قوتك!   
سبلت لي عيونها،   طوحت شعرها بدلال ليُداعب وجهي،  لم أستطع أن أقاوم دلعها!
 
قُلت لها: لو ربطتيني بسبعة أوتار طرية لم تجف فإن قوتي تضعف وأصير كواحد من الناس،    هدأت وإنبسطت وقضينا أُمسية رائعة،   وفى منتصف الليل قامت وأوثقتني بالأوتار،    وفجأة قالت لي: شمشون الفلسطينيين هُنا.  
ثم رأيت مجموعة من الجنود الفلسطينيين أمام الباب،    أنا قُمت وشديت عضلاتي وقطعت الأوتار كما لو كانوا لا شئ،  كُلهم فروا وواحد لم يجرى وجدناه في الصباح.
 
دليلة كانت مُغتاظة مني ومُحبطة،   شمشون إنتَ كِذبت علي وخُنتني. 
إمرأة  ..  إسمعي .. أنا قُلت لو ربطتيني ببعض الحبال الجديدة التي لم تُستعمل من قبل فإن قوتي تضعُف وأصير كواحد من الناس. 
أوه .. حسناً أخيراً رجعنا ثاني لعلاقتنا،   شمشون أنا مُتشكره ياحبيبي،   وفى آخر الليل أخذت دليلة حِبال جديدة وأوثقتني،   ثم قالت شمشون الفلسطينيين عليك،  وكان كمين من الفلسطينيين بالحُجرة فقُمت وقطعت الحِبال عن ذراعي،   الفلسطينيين فروا ولم أستطع أن أمسك أي واحد منهُم،    وكا الليلة السابقة ثارت وغضبت،  وقالت شمشون إنت للمرة الثانية بتخوني وتكذب علي،  إنت لا تحبني.
 
بدأت اُلآطفها لكي تستمر علاقتنا،    قلت لها ياحبيبتي أنا قُلت لك إذا ضفرتي سبع خُصلات من شعري مع السدى قوتي تضعف وأصير كواحد من الناس.
طبعاً أنتم تعرفون أن السدى هي الخيوط الطويلة التى تُستخدم في آلة النسيج.  
إعتقدت دليلة أنها عرفت سِري فرقصت طرباً وقضينا ليلة رائعة. 
قامت دليلة وأنا نائم بضفر خُصلات شعري مع السدى،   ثم قالت شمشون الفلسطينيين هُنا،  فإنتبهت من نومي وإنتفضت واقفاً فقلعت وتد النسيج والسدى.  
صرخت في وجهي كالبُركان،  وقالت كيف تقول أحبِك وقلبك ليس معي،    ثلاثة مرات تكذب علي وتخدعني ولم تُخبرني بسر قوتك،   أنا لا أستطيع أن أستمر في علاقتي معك مادُمت أنت غير أمين معي.  
 
دليلتي ..  أنتي تعلمين أنني أحُبك ولكن!  
إذا كنت بتحبني بجد يبقى لازم تقول لي عن سر قوتك،   بدأت تلح وتلح،  وشويه تُضايقني بكلامها،  وشويه تُلاطفني وتُقبلني،   وشويه تصرُخ في وجهي. 
 
أنا أقوى رجُل على الأرض بدأت أضعف أمام هذة الدليلة!  
كانت بتقودني إلى التسلية وتشتيت ذهني،   ضاقت نفسي حتي الموت.  
 
أنا لا أريد أن أقول لها السر وأيضاً مش قادر أبعد عنها! 
أخيراً كشفت لها عن السر،   فتحت قلبي وقُلت لها كيف أنني لم أقص شعري مُنذ أن ولدت وللآن،   لأنني نذير للرب من بطن أمي،   فإن حلقت شعري قوتي ستُفارقني وأصير كواحد من الناس. 
 
أنا نظرت في عينيها وكنت متأكد أنني ممكن أن أثق فيها. 
وزنت كلامي في رأسها فإقتنعت أنني أقول الصدق،    ملامح الإنتصار كانت واضحة في وجهها وتصرفاتها،   في المساء وضعت رأسي على ركبتيها وأخذت تُداعب خُصلات شعري فغلبني النوم،   نوم الواثق،    ولكنها غدرت بي!   
مُجرد مانمت دعت أقطاب الفلسطينيين وجعلت واحد منهم يحلق شعري وقيدوني،   وفجأة قالت:  شمشون .. شمشون .. الفلسطينيين هُنا .. الفلسطينيين هُنا!
قُمتْ مثل كل مرة ما بقوم،    قُلت لهم إنتوا ليسه ما إتعلمتوش من المرات السابقة،   جعلوني أنظُر مرة واحدة من الشباك،     فقط نظرة سريعة،   قبل أن يبدأوا يعملوا اللي هم عايزين يعملوه.
 
أنا قمت وحاولت أن أدفع الحبال كالمرات السابقة،    حاولت مرة ثانية،   ومرة ثالثة،    لم أعرف ما الذى حدث،   لم أعرف لماذا لم تتقطع الحبال كالمرات السابقة،   هل روح الرب فارقني؟؟ 
 
دفعت أكثر وأكثر،   ثم وجدت الجنود تحولوا من الشباك إلى الباب،   وبدأوا يتحركوا خطوة خطوة تجاهي،   وتقدموا أكثر وأكثر لكي يتأكدوا أن قوتي قد فارقتني. 
 
 
آه ياسيدي الرب الآن قد كسرت القانون الثالث من نذر النذير.
لقد أعطيتني فرصة وأثنين،   ولكن يبدو أنك غضبت لرعونتي وإستهتاري وستؤدبني،   بدأت أتنفس بصعوبة وضربات قلبي تدق عنيفاً،   وأنا أنظُر تجاه الباب في يأس محاولاً الهرب،  هُم كثيرين ومُسلحين وأنا مُقيد وبدون سلاح،   جذبوني وأمسكوني،  إلتفتُ إلى الخلف لأنظُر إلى دليلة،   أدركت حينما أدرت رأسي أنني لم أشعر بشعر رأسي خلف رقبتي،   أدركت أن شعري ذهب!
 
نظرتُ إلى دليلة وصرخت... لماذا؟   وفي نفس الوقت وجدت الجنود الفلسطينيون يدفعون لها ..  لقد باعتني!
 
آخر شئ رأيتهُ كان سكيناً في يد واحد من الجنود،   وبطريقة جنونية مندفعة قلع عيني،   ثم العين الثانية.  آه ..  آه ..  آه .. الألم ..  الألم .. المُبرح مش قادر أستحمله .. الدم غطى وجهي وجسدي .. لا أستطيع أن أراه ولكن أشعر به يسيل على جسدي.  
 
سمعتهم يقهقهون،  يسخرون مني،  بطل إسرائيل القوي الضعيف!  
أخيراً أخذناه،   حتى لو قوتة رجعت لهُ فهو الآن أعمى،   إحنا أخذناه وإستحالة يأخذنا!
 
قادوني من إيدي متأكدين أنني لا أستطيع أن أقاومهم أو أؤذيهم،    قادوني إلى بيت السجن في المكان الذى يطحنون فيه الغلال،  فكوا الثور وربطوني بدلاً مِنهُ في المطحنة،   لكي ألف طول اليوم لأطحن القمح ويأكل الجنود الفلسطينيون.
 
ألم عيني كان لا يُقارن بألم قلبي،   أنا طَحنت الحبوب مِثل الحيوانات أو بمعنى أصح بدل الحيوانات.  
 
حقيقة لا أعرف ما هي المُدة التى قضيتها بدون إبصار،   أنا فقدت الإدراك بالنسبه لليل أو النهار.  
كل إللى بعمله إنى بلف وألف وألف في نفس الدائرة طول الوقت،   فيما عدا الساعات القليلة التى يسمحون لي بها للنوم أو حينما يلقون لي بعض الطعام.
 
ولكن كل إللى كنت بفكر فيه طول الوقت إن الرب إختارني،    الرب قال أنني سوف أخلص شعب إسرائيل،  ولكن للآن لم أفعل ذلك!
لم أستطع تحقيق دعوة الله لي في حياتي،  غير قادر على إنجاز المُهمة التى طلبها مني الرب،   مُش قادر أعمل الخدمة التى دُعيت من أجلها،   كل شئ راح في غمضة عين مثل ماراحت عيني وغير قادر أن أرجع ثانى. 
 
بمرور الأيام إبتدأ شعري ينمو،   الفلسطينيون قرروا أن يحتفلوا بإذلالي،   أرسلوا دعاوي لكل من هب ودب،  للسادة وللعبيد،  للأغنياء وللفقراء،  للرجال وللنساء،  وحتى الأطفال الصغار. 
 
كان مكان الإحتفال معبد داجون إلهُهُم الوثنى،   حضروا لكي يذبحوا ذبيحة عظيمة لداجون إلهُهم،   وقالوا دفع إلهنا العظيم داجون فى أيدينا شمشون عدونا بطل إسرائيل.  
أرسلوا لكي يحضروني إلى مكان الإحتفال،   من قبل كانوا يرسلوا آلاف الجنود،  أما الآن ففى إمكانهم أن يتحكموا فيّ،   ولذلك أرسلوا فقط ولد خدام.
 
بمجرد ما الولد أحضرني إلى المعبد،   المكان كله ضج بالقهقة والسخرية والضحك،  كان فرحاً عظيماً لهم مجدوا إلههم وسخروا من إلهي وجدفوا عليه،    إللي آلمني جدا أنني أنا السبب في كل ماحدث،     لا أستطيع أن ألوم أحداً،   لا أستطيع أن ألوم الله،   لا أستطيع أن ألوم أبي وأمي،   حتى دليلة لا أستطيع أن ألومها،  أنا الوحيد الذى يعرف ما الذي كان يجب أن أعملهُ ولم أعملْه!  
أنا الوحيد إللي عملت كُل ذلك،    إسم الله إتلعنْ بسببي!
 
قادوني إلى الأمام لكي أُسليهُم فقلت للولد الذي أحضرني ممكن أسند يدي على عمود المعبد،   أنا مش الرجُل إللي كان!  
 
وضعت يدي على العمود لغاية ما تأكدت ان هذا هو العمود الأساسي في المبنى ككل،   وفردت يدي الثانيه لغاية ما لمست العمود الثانى إللي المبنى محمول عليه،  وصليت آخر صلاة في حياتي،   وقلت يارب أنا غير مُستحق ولم أحُقق النجاح الذي كنت تتوقعةُ مِني،   أنا فشلت فيما دُعيت من أجلهِ،   ولكن ياسيدي الرب أذكرني وشددني في هذة المرة فقط،  إسمح لي أن أعمل شيئاً بإسمك القدوس،  إسمح لي أن أنتقم نقمة لكي أوقف هذا التجديف على إسمك. 
 
ثم ضبطت وقفتى قبل ما أدفع عمود بيميني وعمود بيساري،   وبدأت أدفع وأدفع وأدفع بكل قوتي،   وفجأه شعرت بشعري يمشط خلف رقبتي (قفايا) مرة أُخرى،    شعري كبر ورجع ثانى،    وأنا أصلي وأدفع بكل قوة شعرت بقوة إندفاع روح الرب في جسدي،    إستمريت أدفع وأدفع وفي نفس الوقت بدأت أسمع صوت وأنين الحجارة وهي بتتحرك لكى تتهدم.   بدأت أسمع صراخ الناس حينما شعروا بإنهيار المبنى،  ولكن عندما وجدتهم يصرخون إلى داجون لكي يلعن إله إسرائيل،   دفعت بقوة مرة ثانية،    حجارة سقف المبنى بدأت تقع علينا،  كلنا جميعا سحقنا.
ولكن أود أن أقول لكم: أنا قتلت كثير من أعداء إسرائيل في موتي أكثر مما قتلت وأنا حي!
 
عرفت في هذه اللحظه لماذا كانوا يذكرونني على إني الرجُل القوى وليس الرجُل العظيم!   
سوف أكون دائماً مثالاً  للفشل ..  لماذا؟
لأنني لم أحقق مشيئة الله في حياتي.
الرب أعطاني مُهمة مع كل القدرة والقوة والإمكانيات التى أحتاجها لإنجاز المُهمة ولكن أنا بددتها وأهدرتها في الخطية.  أنا إفتكرت إنني مُمكن أن أُخطئ ولكن يمكن ذلك لا يؤثر على خدمتي ورسالتي ولكن أنا كُنت غلطان.
أنا كُنت أقوى رجُل ولا يستطيع أي أحد أن يقف أمامي ولا أي أحد يأخذ مني شيئاً،   ولكن أنا بددت كل إمكانياتي في الخطية فأصبحت أضعف رجل. 
 
رسالتك أو خدمتك التي خلقك الرب من أجلها قد تختلف عن رسالتي وخدمتي التي خلقني الرب من أجل عملها وإنجازها،   ولكن أنا هنا اليوم لكي أقول لك مهما إن كان الطريق صعب لا تجعل أحد يأخذ رسالتك منك.
 
النهارده أنا بقولك يمكنك أن تترك مهمتك أو رسالتك بعيداً،   في إمكانك أن تسمح للخطية أن تسرق مهمتك أو رسالتك ولكن إللى أنا إتعلمته وأريدك أن تتعلمه،   إن الذي يترك نفسه للخطية ما بيقدرش يبعد عنها .. ولا أنا ولا إنت. 
 
مهما إن كانت خطاياك ثق بأن الرب مُنتظراً رجوعك إليهِ لكى يرجع إليك.  
مُنتظر توبتك وطلب المغفرة مِنهُ فهو الآب الحنون كثير المراحِمْ والرحمات بيقول لك ويقول لي: أنا أنا هو الماحى ذنوبك لأجل نفسي وخطاياك لا أذكرها.  إلهنا هو الصديق الحميم بيقول لنا هلم نتحاجج إن كانت خطاياكُم كالقرمز تبيض كالثلج إن كانت حمراء كالدودي تصير كالصوف. 
 
قد يكون هناك عدو جبار يريد أن يحطمك،   يريد أن يمنعك من إنجاز الرسالة التى كلفك بها خالقك،   ولكن ثق أن فوق العالي عالي وفوقهما الأعلي،    ثق أن خالقك قادراً أن يحفظك ويعضدك من أجل الرسالة التى خلقك من أجلها. 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter