الأقباط متحدون - خالي عبده في السجن
أخر تحديث ١٩:٢٧ | الأحد ٣٠ مارس ٢٠١٤ | برمهات ١٧٣٠ ش ٢١ | العدد ٣١٤٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

خالي عبده في السجن

علي سالم
علي سالم

 أواصل معك قراءة خطاب خالي عبده.

في سجن العقرب الإنجليزي شديد الحراسة، قابلت عددا كبيرا من زعماء الجريمة في إنجلترا وأوروبا، كانوا يشكلون طبقة أرستقراطية داخل السجن، رحبوا بي بوصفي نصابا مصريا لا يشق له غبار. الزمن في السجن ضائع، لذلك قررت ألا تضيع من عمري ساعة واحدة بغير أن أتعلم شيئا جديدا. وفي السجن، أي سجن في أي مكان وزمان، ستجد أساتذة في كل مهنة وكل فروع المعرفة، على الفور بدأت أتعلم اللغة الإنجليزية التي لم أكن أتقن منها سوى عدة جمل مفيدة في علاقاتي النسائية مثل «I love you» و«Give me a kiss» و«Do you want to eat fesseakh» لعلك تتساءل الآن ولماذا الفسيخ بالتحديد، اسمح لي يا ابن أختي روحية، أن أشرح لك ما لا تعرفه وهو أن أكل الفسيخ يحسم في مصر أمورا كثيرة في علاقة الرجل بالأنثى، لا توجد أنثى لا تحب الفسيخ، وهو بالضرورة لا يؤكل في المطاعم بل في البيت، وبعد تناوله مع البصل يشعر الإنسان بخدر لذيذ وبرغبة قوية في الاسترخاء،

في هذه اللحظات تحسم أمور كثيرة.. ما علينا، أنا فقط أريد أن أقول لك إنني بدأت على الفور في تعلم اللغة الإنجليزية، وكان أستاذي أحد أساتذة جامعة كمبردج المسجون في قضية قتل، المسكين قتل صديقته عندما اكتشف أنها على علاقة بمدرس ابتدائي.
 
أتقنت اللغة الإنجليزية، وخاصة بعد أن تفرغت لدراسة مسرح شكسبير، كما حفظت عن ظهر قلب عددا كبيرا من المنولوغات الشهيرة لشخصياته، قرأت تشرشل ولورد بايرون وحفظت عددا من أشعاره، عشقت تشارلز ديكنز، سحرني التاريخ.. في كل لحظة كنت أشعر بأنني أتحول إلى إنسان آخر مختلف، بدأت أدرك كم كنت عبيطا وساذجا عندما كنت حرا، لقد أهدرت حريتي وشبابي في أعمال لا تليق بشخص متحضر. حكاية تحويل الفسيخ إلى شربات عمل أهبل وسخيف، تحويل مياه البحر إلى طحينة مشروع سخيف هو الآخر، كرسي علاج البواسير نصباية فجة، كان يجب بالفعل أن أدخل السجن في إنجلترا لكي أستمتع بحياة جادة جديدة.
 
وبعد خمسة أعوام أبلغوني بأنه سيتم الإفراج عني لحسن سلوكي، الأكثر من ذلك أن أحد النواب في البرلمان اقترح أن أحصل على وسام السجين المثالي، ولكن الخبر كان مفاجئا لدرجة أشعرتني بالفزع، ماذا سأفعل خارج هذا السجن؟ أسرتي تبرأت مني، لا أحد بالطبع من أصدقائي في إنجلترا سيرحب بي، وبينما أنا أفكر في الأمر مهموما، قابلني في الفناء جون كانتين وهو أحد زعماء المافيا العالمية، وقال لي: لا تحمل هم أي شيء.. سأعطيك عدة أرقام تليفونات لأصدقاء.. هناك عشرة آلاف جنيه إسترليني في انتظارك، هي هدية من زملائك هنا.. سيوفرون لك سكنا وعملا، كما سيتم تكليف عدد من محامينا لرفع قضية على الحكومة لإعطائك الجنسية الإنجليزية أو الإقامة على الأقل.
 
وأنا خارج من باب السجن كانت هناك سيدة أنيقة في انتظاري، يا إلهي.. إنها جانيت المرأة التي لفقت لي القضية وسجنتني. قالت لي بصوت هامس: اركب يا عبده.
 
كالمسحور ركبت السيارة إلى جوارها.
 
بعد غد أواصل معك معرفة ما حدث بإذن الله.

نقلا عن الشرق الاوسط

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع